ويعلِّق الأستاذ الدكتور خلف الله بهذا الصدد قائلًا - بحق -: (إن العبادات أمر شخصي، يحدد العلاقة بين الإنسان وخالقه، ومن حق هذا الإنسان أن يحدد بنفسه موقعه من خالقه، وإلا كان كالأنعام أو أضل سبيلًا ... ) ، وقد قال الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده: (إنه لا يجوز لأحد أن يأخذ بقول أحد ما لم يسنده إلى المعصوم)

، ويعلق الشيخ رشيد رضا على هذا القول بقوله: يعني في مسائل الدين البحتى: العبادات والحلال والحرام.

... وإذا كان هذا هكذا في شؤون المعتقدات والعبادات فإنه بالمثل، ومن باب أولى، أن تكون أمور الحياة الدنيا، وبخاصة الجماعية منها، كالسياسة والحرب، محل اجتهادات الإنسان، مع فارق أنها لكونها لا ترتبط بالإنسان وحده، وإنما ترتبط به باعتباره عضوًا في جماعة، ومن هنا كان الاجتهاد فيها اجتهادًا جماعيًّا، مادام العائد فيها يعود على الجماعة كلها إن خيرًا وإن شرًّا وإن نفعًا وإن ضرًّا.

وخلاصة القول: أنه باكتمال الدين واختتام الرسالة قد تم تحرير الإنسان لا من الآلهة الخرافية فحسب، بل ومن سيطرة مزعومة لكهنوت الله أو وصاية لمن يسمون رجال الدين! ولقد أنكر القرآن على رجال الكهنوت الدور الذي يلعبونه! حتى ولو كان لمصلحة الدين، ولقد أنكر القرآن على الناس اتباعهم الأحبار والرهبان، واتخاذهم أربابًا لهم يحللون ويحرمون!.

... وهكذا عاد الأمر شورى، وعادت الشورى صفة من صفات المسلمين يمارسونها في كل أمر من الأمور العامة، وحتى شؤون الأسرة تكون عن تشاور في كل أمر، حتى ولو كان يبدو صغيرًا كأمر فطام رضيع!.

وليكن هذا مدخلنا للفقرة التالية:

وقد يكون هنا هو الموضع المناسب لأن نوضح أنه ربما لا يكون مجرد مصادفة أن تكون رسالة الإسلام، وهي رسالة كل الرسل ليست إلا دعوة الناس إلى التوحيد وإرصاد الجهود لجعل الإنسان موحدًا، مع نشر روح الوحدة والأخوة والألفة والانسجام.

ولقد كان للشرك استيلاء فكري واستعلاء في قديم الزمان، حتى إن السياسة كانت تقوم على دعائم الشرك، فكان الملوك في قديم الزمان يحكمون بحجة أنهم سلالة إله من الآلهة!.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015