الدكتور سامي حمود:

بسم الله الرحمن الرحيم.

في الواقع مسألة بيع الديون من المسائل التي بحثها المجمع، وقد تعودنا في المجمع أن نبحث الأشياء العالمية، وقد شاهد البعض بلاد العالم الإسلامي، وبعض المؤسسات المالية العاملة، هناك نوع من التداول باسم بيع الديون وهو الذي أثار المسألة. فإذن نردها إلى حقيقتها. هل هذا البيع يتعلق بماذا؟ إنه يتعلق بكمبيالات للنقود، التزامات بالنقود آجلة وبسندات محررة بالنقود بالدولارات أو بأي عملة، فهل هذا في الفقه الإسلامي عندنا؟ جئت تبحث المسألة وأنت طالب علم بخلفية حقوقية، هل يسمى بيعًا؟ وجدت الفقه الإسلامي يقسم البيوع إلى أنواع، فهناك البيع المطلق ثمن بمثمن، وهناك بيع النقد بالنقد وهو الصرف، وللصرف أحكامه وضوابطه المحددة وإن كان من جملة البيوع ولكن له شروط مخصوصة في تساوي البدلين عند اتحاد الجنس وفورية التقابض والتبادل، أو فورية التقابض والتبادل عند اختلاف الجنس.

فإذن الكمبيالات والسندات التي نبحث عنها تحت عنوان: (بيع الديون) هي في حقيقتها من الصرف. فإذا أخذناها بهذا المفهوم لم أجد في الفقه الإسلامي بكل مذاهبه باستثناء ابن حزم الذي منع القضية من أساسها لعدة أغراض، كل الفقه الإسلامي متفق على بيع هذه الحالة المخصوصة، على أن بيع النقود بالنقود لا يكون إلا بضوابط الصرف وأساسها معروف بالحديث النبوي فيما رواه عبادة بن الصامت وجمع الإمام الشافعي نفسه – الذي يقال إن الفقه الشافعي لم يجز هذه الحالة أو تلك – جمع في باب البيوع اثنين وعشرين حديثًا منها حديث عبادة والذي قال: إنه أتم الأحاديث وأكملها، كما جاء في المجموع.

فإن القضية لا خلاف في الفقه الإسلامي على مسألة الكمبيالات والسندات التي تحرم بالقيمة النقدية أن بيعها في أجلها أو قبله أو بعده بالأكثر والأقل أنه ممنوع إلا بشرط المساواة والتقابض إذا اتحد الجنس أو التقابض عند اختلاف الجنس.

فبيان موقف الشافعية في الواقع أنا لم أجد أنه في أئمتهم وفقهائهم وفي مذاهبهم من الشيرازي إلى النووي إلى روضة الطالبين والماوردي أي خلاف في هذا الكلام، لأن أمثلتهم عن سلع بدين. لذلك أتمنى على الإخوة الكرام من أساتذة الفقه الشافعي وأتأمل منهم أن يتصدوا بالإيضاح لرفع هذا التوهم الذي يروج له البعض مما يقال بأن الفقه الشافعي يجيز بيع الدين لغير المدين على أساس مفهوم البيع العام وليس مفهوم البيع الخاص.

أما الفقه المالكي فقد قيض الله أستاذنا الجليل بأن يبين في كتابه (الغرر) الشروط المخصوصة في بيع الديون، وعندما يقال الفقه المالكي يجيز فإن الفقه المالكي يجيز مع شرطين أساسيين: ألا يكون غررًا، فيمنع بذلك قضية الدين غير المستقر والدين الذي لا يكون مقدورًا على تسلمه وقبضه وتسليمه. والربا، فيمنعوا بذلك بيوع الصرف التي يدخلها الأجل.

النقطة الثانية في تعليقي هي رجائي من الأساتذة الفقهاء وبالذات أخص الأخ الكريم الشيخ تقي العثماني ألا يفتحوا الأبواب على سبيل التهاون في إيجاد ما يسمى باب التيسير أو التوسعة في الفقه في المعاملات المالية، فعندما يقال في الكمبيالات التي تأخذها البنوك أنه من الممكن وهناك ثلاث صور، لندقق فيها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015