الصورة الأولى هي أن البنك يقترح أن يكون شريكًا في المعاملة، فإن كانت عملية البيع للصادرات قد تمت ووقعت الكمبيالة فلم تعد بضاعة لتباع ويشترى بها، وإنما هناك دين نقدي وهناك مشاركة في دين نقدي بالأجل فيدخل موضوع البنك (بيع الصرف) ، وإن كانت قبل أن تتم العملية فلا توجد كمبيالة من الأساس، يكون هناك عرض في الاعتماد المستندي أن الشركة اليابانية تستورد من ماليزيا المطاط، وهذا العرض ثمن المطاط تكلفته مائة رنت وأنه يباع للشركة اليابانية بمائة وعشرين حسب الاعتماد الوارد، فهل يشاركوننا؟ فإذا دخل البنك شريكًا فلا وجود للكمبيالة أصلاً.

وأما القول في الصورة الثالثة أنها عن طريق الوكالة فمهما تحفظ المتحفظون في السماح بالقرض المشروط به شيء آخر أو المصاحب لشيء آخر فإن هذا الشيء الآخر يصبح هو الأساس، ثم يأتي للوكالة فيقول يجوز الأجل النسبي ويجوز الأجل المتفق عليه بين الطرفين، ويجوز كذا ويجوز كذا، فتفتح أبواب الربا من حيث أردنا الخلاص منه مع أن هناك بدائل شرعية بسيطة تخلو من أبواب التحريم.

فهذا ما أردته من أخي الكريم أن ينظر إليه بفكره وصفائه وقلبه الطيب.

البدائل الأخرى التي هي موجودة، في الواقع بدائل سليمة، وعندما نقول القطاع العام والقطاع الخاص، فالقطاع العام هو الحكومة التي تمثل الشعب والتي يفترض أنها تقوم بخدمته فإن احتاجت إلى نفقات مشروعة سواء كانت في مشاريع إنمائية أو مشاريع مدرة للدخل أو كانت مشاريع غير إنمائية، ولكنها تحتمل أن تباع بالمرابحة ففي كل حال من الأحوال هناك أدوات تمويلية صريحة في الأولى بـ المقارضة والمشاركة، والمرابحة والسلم والاستصناع في الثانية. فالأدوات موجودة، وكل ما هو مطلوب من هذه الحكومات وهي تريد أن تربط نفسها بشعوبها وأن تشعر المواطن أنه شريك في تمويل دولته بأن توضع القوانين التي تسمح بوجود مثل هذه الأدوات كما يوجد في قانون الشركات في كل دولة من دولنا فصل خاص بسندات القرض.

فيا حبذا أن تكون لدى الدول الإسلامية في قوانينها القائمة فصل آخر إلى جانب هذا الفصل المقيت الحرام فصل حلال يبين أدوات التمويل الإسلامي بأنواعه وضوابطه، منعًا لخديعة الناس وبيانًا للحقوق، وهذا أصل شرعي، فيكون المضاربة والمشاركة والمرابحة والإيجار والسلم والاستصناع فبدل السند المقيت اليتيم الوحيد سند القرض بالربا عندنا سندات حلال مفتوحة الأبواب وأدخلها كمواطن أول دولتي وأنا مرتاح الفكر والقلب والضمير.

أما بالنسبة للشركات الخاصة أو القطاع الخاص، فهي شركات المساهمة وهي الوحيدة التي يسمح لها إصدار السندات لماذا؟ للانضباط. لذلك أضفنا إلى سندات أسهم المضاربة وهي التي تساءل عنها أخي الكريم الدكتور المرزوقي أنها هل تكون مستقلة أو لا؟ من الطبيعي في سند المضاربة أن يكون مفصولاً ولم نشهد نحن بعد إصدار سندات المضاربة أو المقارضة الإسلامية في الشركات المساهمة ولكن شركات أمريكية (جنرال موتورز) أصدرت سندات فصلتها عن ملكية سندات الشركة الأم وخصصتها بمشاريع خاصة في أنظمة الكمبيوتر، وقالت: إن نسبتها من الربح هي نسبة محددة (25 %) من الربح الذي يتحصل في هذا الفرع من نشاط الشركة. فاستعملت اسمها وإدارتها وجمعت الأموال من الآخرين وعندهم في القانون الأنجلو ساكسوني نوعان من السندات: سندات (أ) وسندات (ب) . سندات (أ) تمثل إدارة وملكية الشركة، وسندات (ب) تمثل أسهم في الشركة دون تصويت، وهذا يعني أنه رأس مال المضاربة فابتعدوا عن (أ) و (ب) وقالوا هذه أسهم الـ (هـ H. closs) التي تعني أن المساهم فيها يستثمر ماله بإدارة مستقلة ويأخذ نصيبه من الربح من ذلك المشروع.

أما قول أخي الكريم بأن المضاربة أولاً بالذات ويريد مني دليلاً وأن الفقه المالكي يتوسع في المضاربة لغير التجارة. فأقول نحن طلاب علم ونعرف أن المدونة تنص على ذلك بأنه:

(إذا أخذ رجل مالاً فاشترى فسيلاً أو نخيلاً أو زريعة أيكون ذلك مضاربة في قول مالك؟ قال: نعم) ، فهذا استدللت به على أن المضاربة ليست محصورة في التجارة، وإنما هي في الفقه المالكي والفقه الحنبلي منفتحة للتجارة والصناعة والزراعة والسياحة وكل أبواب النشاط المشروع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015