المفهوم الرابع: تناوش جين من الجينات- أي مورثة من المورثات - وهي تلك الحبيبات الصغار التي تؤلف سلسلتها ما يعرف بالصبغي أو الكروموزوم، أقول: تناوش هذا الجين إذا كان يحمل خلية مرضية لإصلاح هذا الخلل بإذن الله.

هذا كله في البشر وهو فيما يخيل إليّ موضوع بحثنا، لم يحدث النوعان الأولان فيه بعد فيما نعلم، لا الاستنساخ بالمفهوم الشائع ولا الاستيئام، النوع الثالث بدأ بنجاح منذ سنين، والنوع الرابع يتم العمل عليه في الوقت الحاضر، أما ما يتم من تجارب الهندسة الوراثية على النبات والحيوان فليست محل بحثنا وهو أمر فيما بدا لي لا يلقى نكيرًا من أحد. والله سبحانه وتعالى أعلم.

الشيخ عكرمة:

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد رسول الله.

وبعد:

ما من شك أن كل قضية جديدة لا بد وأن تحاط بقواعد عامة وأدلة شرعية لمعرفة مدى مطابقتها وعدم مطابقتها، فقبل أن نصدر حكمًا عن الاستنساخ لا بد وأن نراعي عددًا من القواعد العامة التي دعا إليها ديننا الحنيف، منها: بأن التناسل والتكاثر في الشريعة الإسلامية يكون عن طريق الزواج المعروف: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} ، وقاعدة أخرى معروفة في الشريعة الإسلامية هي التي فيها أب وأم ونسل وإنجاب، والله سبحانه وتعالى يقول: {ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} ويقول أيضًا {إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ} ، وقاعدة أخرى أن المسؤولية الجنائية في الشريعة الإسلامية تقع على الشخص نفسه وهو الذي يتحمل عاقبة أثره، فحين تتشابه النسخ البشرية قد يتعذر حينئذ تحديد المسؤولية ومعرفة صاحب العلاقة، والله سبحانه وتعالى يقول: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} ويقول أيضًا: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ، ومن القواعد التي يجب أن تراعى في هذا المجال بأن الله سبحانه وتعالى قد كرم الإنسان وخلقه في أحسن صورة بقوله: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ} ويقول أيضًا: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} .

فالاستنساخ حسب تصوري يؤدي إلى امتهان الإنسان وإلى تشويه خلقه وصورته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015