وإن هذا الاستنساخ وهو إخراج صور عديدة من أصل واحد إذا قدر له النجاح سيفقد ضوابط الأسرة والبنوة والأخوة، ويهدد الحقوق الإنسانية بأكملها والواجبات الإنسانية في المجتمع، ويفتح باب جرائم التزوير وانتحال شخصيات الآخرين، مع أننا نعلم أن العلم في الإسلام له حدود وهو مقيد بأن يسخر لسعادة الإنسان، ومن أجل أن يبقى النوع الإنساني ويستمر ينبغي أن يكون العلم حارسًا ومهيِّئًا لظروف أفضل للإنسان، أما إذا انحرف العلم عن ذلك فيكون وسيلة لتدمير الإنسان وهذا أمر حرام.
وإذن فليست القضية في نظر الشريعة الإسلامية قضية مؤيدين ومعارضين في نظري، إذ قامت الشريعة الإسلامية على اعتبار الإنسان خليفة الله في الأرض بنص القرآن في آيات كثيرة منها قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} وقول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} .
أما الحيوان لو كان من فصيلة الثدييات كالإنسان فقد خلق للإنسان لتكتمل به إنسانيته ويتقوى به على القيام بأعباء الخلافة ويقدمه قربانًا إلى الله , والله تعالى يقول: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} .
هذا والله سبحانه وتعالى قد عظم الإنسان وتباهى بخلقه عندما قال: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14] ، فهل ننتقل بالإنسان من هذه العناية الإلهية وهذا الإبداع في الخلق وهذا التركيب المحكم المتسلسل من النطفة إلى العلقة إلى المضغة إلى نشأة خلق الإنسان، هذا الإنسان الذي اختاره الله لأن يتولى خلافته في الأرض؟ لا يمكن أن يغير إلى خلق جديد لمجرد نجاح جزئي جاء صدفة في تجارب خلية جينية للأغنام وخلية أخرى من الغدة الثديية لأغنام أخرى، مع اعتراف الباحث أن التجارب التي أجراها لم تنجح في أغلبها وأن معظم الأجنة التي حصل عليها المعهد ماتت أثناء فترة الحمل ولم ينجح سوى واحد فقط، ومع العلم أن هذا المعهد لم يتخصص في الاستنساخ الحيواني أو البشري وإنما كان يعمل لفائدة شركة المستحضرات الطبية والتكنولوجيا الحيوية بهدف الوصول إلى إيجاد أدوية لعلاج بعض الأمراض الوراثية التي توجد بكثرة لدى الأطفال، كما تسعى عديد من الشركات الأخرى المنتجة للخنازير وعبر تقنيات الهندسة الوراثية أن تستعين بهذا الأسلوب في عملية زرع الأعضاء البشرية.