ولذلك فإن موضوع الاستنساخ قد يشابه إلى حد كبير في بعض موضوعاته موضوع التلقيح الصناعي، فقد يجوز لنا أن نقول: إن ما يجوز في التلقيح الصناعي أو ما أجيز في التلقيح الصناعي قد يجاز في الاستنساخ، وما منع هناك قد يمنع أيضًا هنا، هذه مسألة أيضًا ينبغي أن تطرح للبحث والمناقشة والدراسة، وحتى يخلص الباحثون والفقهاء والأطباء إلى قرار سديد سليم في هذه المسألة.
الأمر الآخر في هذا الموضوع هو أن موضوع البحث في هذا ما زال من وجهة نظري قاصرًا يحتاج إلى المزيد وإلى التأني والبحث، وليس مطلوبًا منا أن يكون عندنا قرارات سريعة في مواجهة مثل هذا الموضوع بحجة أن البابا قد فعل وأن كلينتون قد فعل، نحن ننطلق من منطلقات لا ينطلقون منها، فينبغي أن تكون منطلقاتنا مؤصلة ومبنية على نصوص شرعية وفقهية وبحث علمي أصيل دقيق، فنجيز ما كان جائزًا، ونمنع ما كان ممنوعًا؛ لأن في شريعتنا وديننا كما تعلمون أنها ليست ضد العلم، وإنما ضد العبث وضد الشيء الذي يضاد هذه العلوم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ مصطفى التارزي:
بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.
حضرات السادة العلماء:
لقد استمعت في هذا الصباح بكل اهتمام إلى بحثي الطبيبين العالمين الدكتور أحمد رجائي، والدكتور صالح الكريم، حول قضية الاستنساخ من الناحية الطبية والبيولوجية، وكنت مبتهجًا بحسن العرض ووضوح البيان، فشكرًا لهما.
وقد استوقفني تعرض الدكتور أحمد رجائي حفظه الله إلى كلمة المؤيدين لقضية الاستنساخ، وبالأصح في قضية التكاثر الخلوي أو التكاثر الجيني، وإلى المعارضين لقضية الاستنساخ، مع أني أعتقد أن كل المتشبعين بالمبادئ الإسلامية يرون أن الموقف المتبصر يرى أن هناك خطوطًا حمراء يجب ألا يتجاوزها العلم درءًا لأخطارها الجسيمة التي يمكن أن تترتب على نتائج هذه الأبحاث العلمية وخاصة في مجال بيولوجية الإنسان، وصلة ذلك بحكمة الخالق في خلق الكائن البشري، لأن كل سلبيات الاستنساخ في ميدان الزراعة وميدان الماشية هي أقل خطورة من سلبيات الاستنساخ البشري، ونتيجة لنجاح العملية التي أنجبت نعجة بطريقة التكاثر الجيني قالوا: إن هذا يمكن أن ينطبق على الإنسان نفسه كما يمكن أن يخلق من هذا الشخص آلاف الأشخاص، ولا يستبعد علميًّا أن يتوصل العلم إلى الاستنساخ البشري، ومعناه أن تجرى كل التجارب الممكنة مهما كلف هذا العمل من مال وجهد وتشريح وتلقيح وتركيب وإخفاق، وبذلك يفقد الإنسان كرامته التي منحه الله إياها في قوله: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ} .