ونظرًا لما قد يترتب على هذا النوع من الاستنساخ من مفاسد خالصة أو راجحة لا تزال مطوية في عالم الغيب ولا يمكن أن تعرف أو تقدر على التحقيق إلا بعد مرور زمن طويل على تطبيقاته وممارساته، فإنه لا يعبأ بما ذكر أو افترض من منافعه ومصالحه المظنونة أو المحتملة الموهومة فيما إذا كان الزوجان مصابين بالعقم ولا يصلح لهما طفل الأنبوب، أو ما إذا كان الزوجان مصابين بالعقم وقد يفيدهما طفل الأنبوب لكنهما يفضلان عدم المجازفة فيه ويرغبان استنساخ إنسان يرونه أو يعرفون عنه مقدما، وكما إذا أصيب طفل بمرض خطير أو توفي وليس لأبويه طفل غيره وسنهما لا يسمح بالإنجاب بعد ذلك ويطلبون استنساخًا من طفلهم، إلى آخر ما قيل في ذلك، فإنه يلزم الاحتياط بعدم الإفتاء بتجويز شيء من صوره وحالاته الآن، فإن ظهر في المستقبل حالات تستدعي حكمًا استثنائيًّا فعندئذ ينظر في شأنها وحكمها الشرعي، هذا ما يتعلق بالاستنساخ البشري.

أما الاستنساخ في عالم الحيوان فالذي يبدو - والله أعلم - أنه سائغ شرعًا حيث لا يترتب عليه محظور أو مفسدة غالبة أو راجحة، وقد ثبتت له مزايا كثيرة ومن أهمها:

أولًا: إمكان استنساخ أعداد هائلة من الخراف والبقر لتوفير الغذاء للعباد.

ثانيًا: إمكان استنساخ أبقار تنتج حليبًا يعادل حليب الأم، وفي ذلك فائدة عظيمة للأطفال المصابين بنزلات معوية أو حساسية نتيجة رضاع الطفل لحليب البقر.

ثالثًا: إمكان استنساخ بعض الحيوانات التي لها قلوب وأكباد يمكن نقلها جراحيًّا إلى الإنسان دون أن يرفضها جسم الآدمي.

رابعًا: إمكان استنساخ حيوانات كل مجموعة منها لها صفات وراثية واحدة مما يسهل أبحاث مرض السرطان وقضايا المناعة، ونحو ذلك من البحوث الطبية الهامة.

خامسًا: إمكان استنساخ بعض فصائل الحيوانات المهددة بالانقراض، إلى غير ذلك من الاستخدمات التي تجلب مصالح حقيقية راجحة للإنسان فيما يبدو إلى الآن.

وما ظهر من جواز الاستنساخ في عالم الحيوان فإنه يقال أيضًا بالنسبة للاستنساخ في النباتات، حيث تم بواسطته إنتاج كثيرٍ من الأنواع النباتية المتميزة التي تختص بمقاومة الحشرات والفيروسات ومبيدات الأعشاب، أو نباتات تنتج ثمارًا مقاومة للتلف، أو نباتات لها قيمة غذائية محسنة عالية.

وكذلك الحكم أيضًا في استخدام الاستنساخ في مجال الصيدلة والدواء، حيث تمكن العلماء من إنتاج أصعب الأدوية وأندرها، مثل: الأنسولين المنظم لسكر الدم، والسوماستاتين المنظم لأعمال بعض الغدد الصماء في الجسم، والإنترفرونات التي تستخدم في علاج السرطان ومنع الإصابة بالفيروسات، ونحو ذلك.

هذه خلاصة ما أردت بيانه في هذا التعقيب.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015