يقول العلامة الطباطبائي في الميزان: " إن عرب الجاهلية تشق آذان البحائر والسوائب لتحريم لحومها ". كما يؤكد أنه ليس من البعيد أن يكون المراد بتغيير خلق الله الخروج عن حكم الفطرة وترك الدين الحنيف، مستشهدًا بقوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} ، ولعل سياق الآيات يساعد على ذلك، وقد أيدته رواية جاءت في مجمع البيان عن الإمام الصادق، وحينئذ لا يمكن أن يستند لهذه الآية الشريفة في رد أي تغيير طبيعي، ومنه موردنا هذا، إذ المراد هو قسم خاص يتم بتسويل الشيطان وتسويفه.

على أنه في الواقع استفادة من قوانين طبيعية - كما تفضل الشيخ السلامي - فرضها الله في الطبيعة، ولا يمكن أن يعد تدخلًا في خلق الله - كما جاء في اتهامات المعارضين - أو يعد تحديًا لله تعالى في خلقه - كما ربما يأتي على ألسنة بعض المخالفين للاستنساخ - وإلا كان علينا أن نسد باب أي إبداع علمي في علم الوراثة في جميع حقول الخلق.

أما حكاية التقاء المياه الأجنبية هنا فقد قلت إنها مرفوضة كبرى وصغرى، أما الكبرى فلن أطرحها لأنها تخالف قرار من قرارات المجمع، وأما الصغرى فشمولها للمورد غير صحيح فليس هنا التقاء مياه ولا انعقاد نطفة - كما هو واضح - إلا أن يقال إن المورد هو بحكم انعقاد النطفة فيقاس عليه.

أما موضوع الاستغناء عن الزواج فإذا افترضنا أن الأمر فيه تيسير إلى هذا الحد - وهو بعيد - فإن دواعي الزواج لا تقتصر على الاستيلاد أولًا، على أن الاستيلاد من طريق الزواج هو المطلوب للإنسان قبل كل شيء، ولا يلجأ لمثل هذه الطرق إلا استثناء.

أما مسألة اللقائح المتعددة وإعدامها فالذي يتصور في البين أو يقال إن هذه اللقائح لا ينطبق عليها أنها أناس، وأن إعدامها غير مشمول لأدلة حرمة القتل، أو أدلة دية الجنين، وأمثال ذلك.

وأما مسألة احتمال تهديد المجتمعات أو تجريد الإنسان من إنسانيته فإنها مسألة لا دليل عليها، بل إن عملية إنقاذ بعض المجتمعات أو بعض العوائل من أمراضها الوراثية وتقوية الصفات الجيدة مطروحة هنا، وكذلك مسألة التنوع الجنيني فإنه أولًا لم يثبت التطابق التام إلى حد ينتفي معه أي تنوع، على أن اختلاف البيئات والعوامل الخارجية لا بد أن تؤدي إلى نوع من الاختلاف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015