مسألة اختلاط الأنساب مسألة تشير لها بعض الروايات وتحذر منها، بل إننا نجد أن البناء الاجتماعي في التصور الإسلامي يبتني على هذه المسألة، وعلى ضوء هذه الأنساب تبتنى أنظمة اجتماعية مهمة كالنظام العائلي ونظام الإرث وبعض النظم الاجتماعية الأخرى.

هناك رواية عن الإمام الرضا فيما كتب إليه من جواب مسائله، وحرم الله الزنا لما فيه من الفساد من قتل النفس وذهاب الأنساب، ورواية أخرى عن الصادق عندما سئل لم حرم الله الزنا؟ قال: لما فيه من الفساد وذهاب المواريث وانقطاع الأنساب، لا تعلم المرأة في الزنا من حبلها ولا المولود يعلم من أبوه.

إلا أن الذي يمكن أن يطرحه المؤيدون يمكن تلخيصه في أمور:

الأول: أن النسب يمكن ضمانه هنا إذا كانت النواة الضيفة مأخوذة من جلد الزوج مثلًا والبييضة مأخوذة من الزوجة، فلا ريب في أن المولود ولد لهذين، ومن الواضح أن الكثير من النتائج الإيجابية يمكن أن يتم الحصول عليها مع توفر هذه الشروط.

الثاني: أن هذه الحالة لا يمكن أن تشكل ظاهرة اجتماعية واسعة، بل هي حالات قليلة (على الأقل في الإمكان الحاضر) ولا مانع حينئذ من وجود أفراد لا يعلم نسبهم أو ينتسبون إلى الأم فقط، كما ينتسب ولد الشبهة إلى أمه فلا يلزم منه اختلاط الأنساب، كما يقال.

الثالث: أن احتمال إساءة الاستفادة موجود بنفس النسبة في موضوع آخر كالتلقيح الصناعي وقد أجازه الفقهاء.

ولا نريد أن نؤيد هذه الإشكالات بقدر تأكيدنا على لزوم التأكد من المحذور.

أما موضوع تغيير خلق الله تعالى: فقد ذكر أن الآية الشريفة التي تتحدث عن الشيطان وأوامره اللعينة {وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} . هنا ومن الواضح أن الشيطان الرجيم يهدد بالتركيز على مجموعة من عباد الله ليسخرهم لأعماله الشيطانية ومنها تبتيك آذان الأنعام وتغيير خلق الله , وهي أمور مبغوضة للمولى جل وعلا بلا ريب , ولذا يعدها سبحانه من الخسران المبين.

فهل هذا العمل الذي نحن بصدده من مصاديق تغيير خلق الله المنهي عنه؟ وهنا يقال بأن التبتيك والتغيير لا يمكن أن يكون المراد بهما مطلق المفهوم اللغوي لهما، حتى ولو كان ذلك بدواع مشروعة عقلانية لا شيطانية، وإلا لكان كل تغيير يحدث في البدن كحلق الشعر أو الختان أوتعليم آذان الإبل أو التجميل من المحرمات، بل إن التعميم يعني كل تغيير في خلق الله، وهذا يشمل أي تغيير في الطبيعة، فهل نمنع ذلك؟ ليس المراد هو العموم وإنما المراد - وكما يقول بعض العلماء: - عمليات شيطانية خرافية تقوم على أساس من تصورات شيطانية جاهلية يتم بموجبها إهدار للثروات الطبيعية، من قبيل ما جاء في قوله تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} حيث تبتك آذان البحائر وتترك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015