أما استدلال الذين فرقوا بين حكم العمد والنسيان بحديث ابن عباس رضي الله عنهما "المسلم يكفيه اسمه إن نسي أن يسمي الله حين يذبح، فليذكر اسم الله وليأكله " فجوابه ما قاله الحافظ ابن كثير من أن رفع هذا الحديث خطأ أخطأ فيه مغفل بن عبيد الله الجزري، فقد أخرجه سعيد بن منصور من رواية عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء عن عكرمة عن ابن عباس من قوله (?) ولئن ثبت أنه من قول ابن عباس فهو موقوف، والحجة إنما هي في المرفوع دونه، وأما حمل النهي في الآية الكريمة على الكراهة فهو كحمل أحاديث اشتراط التسمية لجواز الأكل على الاستحباب والندب، كل منهما مخالف للأصل بلا دليل، فإن الأصل في النهي التحريم، وفي الأمر الوجوب، إلا مع قيام دلالة مقبولة شرعا على صرفهما عن أصلهما، والأدلة هنا كلها شاهدة على بقاء الأصل كما هو فلا مفر من الأخذ به.
هذا وقد ذكر الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي أنه ذهب بعض العلماء إلى أن ذكر اسم الله لابد منه ولكنه ليس من اللازم أن يكون ذلك عند الذبح بل يجزئ عنه أن يذكره عند الأكل، فإنه إذا سمي عند الأكل على ما يأكله لم يكن آكلًا ما لم يذكر اسم الله عليه (?) ، وذكر استدلال أصحاب هذا القول بحديث عائشة، رضي الله عنها، ((أن الناس سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللحم الذي يأتيهم ولا يدرون أذكر اسم الله عليه أم لا فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يسموا الله هم ويأكلوا.)) وقد سبق بيان المحمل الصحيح لهذا الحديث فلا داعي إلى إعادة القول فيه، ولم يبين الشيخ القرضاوي أحدا من هؤلاء العلماء الذين ذهبوا هذا المذهب.