وأما الصورة الثانية التي أسقط فيها اشتراط الذكر لحل المذبوح وهي أن يقول الذابح: إن الذبح ليس قربة فلا داعي إلى ذكر اسم الله عليه، فنعرضها أيضا على كلامه بنفسه، فقد قال بعد ذكره لأدلة وجوب التسمية: "وهذه أدلة ظاهرة غالبة عالية وذلك من أظهر الأدلة وأعجب لرأس المحققين إمام الحرمين يقول في معارضته هذا: وذكر الله إنما شرع في القرب، والذبح ليس بقربة، قلنا: هذا فاسد من ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه يعارض القرآن والسنة كما قلنا.

الثاني: أن ذكر الله مشروع في كل حركة وسكنة حتى في خطبة النكاح، وإنما تختلف درجاته بالوجوب والاستحباب.

الثالث: أن الذبيحة قربة بدليل افتقارها إلى النية عندنا وعندك، وقد قال الله تعالى: {لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ} ". [الحج: 37] (?)

ولئن كان مأخذ الذابح التارك لاسم الله هنا نظرة يعارضها القرآن والسنة- وهما أصلا التشريع- كما يفيده كلام ابن العربي بل ويعارضها الأصل الثالث وهو الإجماع، كما سبق نقله عن الإمامين النووي والحافظ ابن حجر، فما هو الأولى؟ هل هو ترك ما دلت عليه أصول الشريعة، والأخذ بما أفرزته أوهام البشر، وإقرار أخطائهم المعارضة لما دلت عليه الدلائل القطعية؟ أو أن الأولى أن يقتفى نهج الشريعة المتمثل في الكتاب والسنة والإجماع، وترد إليها أخطاء الناس فتحكم فيها؟ مع أن الله تعالى يقول: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015