"قلنا الذكر يكون باللسان ويكون بالقلب والذي كانت العرب تفعله تسمية الأصنام والنصب باللسان، فنسخ الله ذلك بذكر الله في الألسنة واستمر ذلك في الشريعة، حتى قيل لمالك: هل يسمي الله إذا توضأ؟ فقال: أيريد أن يذبح؟ إشارة إلى أن موضع التسمية وموضوعها إنما هو في الذبائح لا في الطهارة، وأما الحديث الذي تعلقوا به في قوله: "اسم الله على قلب كل مؤمن " فحديث ضعيف لا تلتفتوا إليه" (?) .
هذا نص كلامه وهو صريح في أن الذكر المطلوب الذي يتوقف عليه حل الأكل لابد من أن يكون باللسان، ولا يكتفى بما في القلب وحده، وهذا هو الذي يتفق مع نسق التشريع وتقتضيه سنن التعبد، فإن الله تعالى يصف القرآن بقوله: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [العنكبوت: 49] ، وقد فرض على عباده أن يقرؤوه بألسنتهم في صلواتهم، ولا يكتفى من أحد إن قال: إن القرآن الكريم كله في قرار نفسي وملء ذاكرتي، فلا داعي إلى أن أقرأ شيئا منه في صلاتي. ولا تكون صلاته بذلك صحيحة بالإجماع.