وأما حديث الصلت السدوسي فلا حجة فيه لأنه مرسل، ولا يمكن أن يعتضد بما رواه الدارقطني عن ابن عباس - وإن قال به ابن كثير - لأنه أيضا ليس بحجة فإنه موقوف عليه، والحجة إنما هي في المرفوع.

وأما القول الرابع- وهو أن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه مكروه -

فيبدو أن من قاله حمل النهي في القرآن والسنة على الكراهة دون التحريم وهو بعيد، فإن الأصل في النهي أن يكون للتحريم، ولا يحمل على غيره إلا بدليل، ولا دليل على ذلك بل الدليل على خلافه، كيف وقد اقترن في النص القرآني بوصف المنهي عنه أنه فسق؟

وقد سبق أن القول الخامس لا يعدو أن يكون الخلاف بينه وبين القول الثالث لفظيا، ويتبعه في الاستدلال والإيراد.

وأما القول السادس الذي ذهب إليه ابن العربي وتابعه عليه القرطبي - وهو الذي يفصل أحكام المسألة بحسب اختلاف صورها، فيذهب إلى الإباحة فيما إذا كان الترك من أجل اكتفاء الذابح باسم الله الذي يملأ جوانح قلبه وإن لم يقض ذكره على لسانه، أو من أجل أنه يرى التسمية لا تتناسب مع فعله لأنه ليس بقربة وهي أولى بها القرب، ويذهب إلى المنع إن كان الترك بباعث الاستخفاف باسم الله تعالى- فإنا نرى أن نعرض هذا القول على كلام ابن العربي نفسه، فالصورة الأولى- وهي ما إذا كان ترك التسمية من أجل ما في القلب من أسماء الله- قد تعرض لها ابن العربي نفسه عندما قال: "فإن قيل: المراد بذكر اسم الله بالقلب لأن الذكر يضاد النسيان، ومحل النسيان القلب فمحل الذكر القلب، وقد روى البراء بن عازب وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم ((اسم الله على قلب كل مسلم سمي أو لم يسم)) ، ولهذا تجزئه الذبيحة إن نسي التسمية تعويلا على ما في قلبه من اسم الله سبحانه".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015