قال الحافظ ابن كثير: "لا يلزم من إباحة طعام أهل الكتاب إباحة أكل ما لم يذكر اسم الله عليه، لأنهم يذكرون اسم الله على ذبائحهم وقرابينهم وهم متعبدون بذلك، ولهذا لم يبح ذبائح من عداهم من أهل الشرك ومن شابههم، لأنهم لا يذكرون اسم الله على ذبائحهم " (?)

وأما حديث عائشة، رضي الله تعالى عنها، فقد أجيب عن استدلالهم بأن دلالته على منع ما لم يذكر اسم الله عليه أقوى وأوضح، فإن الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا اللحم لم يكن الباعث على سؤالهم إلا ما استقر في أذهانهم وتعورف فيما بينهم من أن التذكية تتوقف على ذكر اسم الله، وبدونه لا يكون مُذَكّى حلالا، وإنما كانت المبادرة إلى سؤالهم هذا بسبب ما اختلج في نفوسهم من الشك في حصول هذا الشرط من الأعراب الذين أسلموا من جديد، وقد أجابهم النبى صلى الله عليه وسلم بما يقطع دابر الشك ويجتث جذور الوسوسة، ومفاد جوابه أن أعمال المسلمين -ولو دخلوا في هذا الدين من عهد قريب -محمولة على أنها وفق شريعته، فلا داعي إلى الارتياب فيها والتوقف عن الاعتداد بها، وهو معنى أمره صلى الله عليه وسلم لهم أن يسموا ويأكلوا (?) ، قال الحافظ ابن حجر: "ويستفاد منه أنه ما يوجد في أسواق المسلمين محمول على الصحة، وكذا ما ذبحه أعراب المسلمين لأن الغالب أنهم عرفوا التسمية" (?) , وقال الإمام المودودي: "ومن الظاهر كذلك أن اللحم الذي يوجد في أسواق المسلمين في القرى والمدن أنى لكل واحد منا أن يمعن في التحقيق ويتبين عنه بكل دقة واستبصار أنه ذبح من الحيوان الحلال، وأنه قد روعي في ذبحه كل ما لتذكيته من الشروط، وأنه قد ذبحه رجل قديم العهد بالإسلام، وأن هذا الذابح كان عارفاً بقواعد الشريعة للذبح؟ ومتى كلفتنا الشريعة بمثل هذا التحقيق؟ " (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015