بل يترتب عليه أيضا عدم الأخذ بما في آية المائدة من الزيادة التي لم تذكر في آية الأنعام، وهي تحريم المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع، ويؤدي إلى الاسترسال في نقض كثير من الأدلة، وإنكار الكثير من الأحكام، كالرجم لعدم ذكره في سورة النور، وحرمة قذف المحصنين كقذف المحصنات ووجوب الحد عليهم، لأن ما في تلك السورة اقتصر على ذكر المحصنات وحدهن.

هذا مع أن الأدلة التي عول عليها القائلون بحرمة ما لم يذكر اسم الله عليه لا تحوم حولها ريبة ولا يدانيها لبس، فهي آيات محكمات واضحات وأحاديث صحيحة صريحة، وقد أجاد الإمام المودودي عندما قال بعد ذكر طائفة منها: " إنه لا يبقى أي مجال للشك بعد هذه الأحكام الواضحة الصريحة لله ورسوله في أن التسمية شرط لا بد من تحققه لحل الذبيحة، وإن كل حيوان يموت أو يقتل بدون أن يذكر اسم الله عليه هو حرام لا يحل أكله، ويا ليت شعري أي نوع من النصوص يجب أن يتوفر لثبوت حكم من الشريعة إذا كان هو لا يثبت بمثل هذه الآيات الواضحة والأحاديث الصريحة". (?)

وأما قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} ، فهو لم يتعرض للتسمية سلباً ولا إيجاباً، فكيف ترد به النصوص الصريحة الدالة على اشتراطها؟ ودعوى أن أهل الكتاب لا يذكرون اسم الله على الذبح فارغة من كل دليل، لأنهم وإن شابوا اعتقادهم بوجود الله بما تراكم عليه من الضلالات التي حجبت نوره عن بصائرهم إلا أنهم لا ينكرون أنه خالق الوجود وباعث الرسل ومنزل الكتاب، فذكره معهود في أديانهم وشرائعهم، وما أبيحت ذبائحهم دون ذبائح المشركين إلا من أجل ما بقي عندهم من تعاليم الكتب التي بين أيديهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015