المبحث الرابع: في النية والتسمية:
اتضح مما سبق أن التذكية من القربات إلى الله عز وجل، والقربات لا بد لها من نية؛ للحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات)) (?) فلذلك كانت النية شرطا في صحة الذكاة، كما نص عليه العلامة الشماخي (?) في الإيضاح (?) ، والإمام الثميني في النيل وشارحه العلامة اطفيش في شرحه (?) ، والإمام ابن العربي في أحكام القرآن (?) ، ويفهم من كلامه أنها مشروطة عند الشافعية؛ إذ ألزم إمام الحرمين باشتراطه لها كون الذكاة قربة.
ونسب ذلك ابن رشد إلى المذهب- أي مذهب المالكية- وقال:
"ولا أذكر فيها خارج المذهب في هذا الوقت خلافا" (?) , وهو الذي يقتضيه كلام العلامة الكاساني الحنفي، حيث قال في شرائط التسمية المبيحة للذبيحة: "ومنها أن يريد بها التسمية على الذبيحة، فإن من أراد بها التسمية لافتتاح العمل لا يحل، لأن الله سبحانه وتعالى أمر بذكر اسم الله تعالى عليه في الآيات الكريمة، ولا يكون ذكر اسم الله عليه إلا ويكون يراد بها التسمية على الذبيحة- إلى أن قال: "وكذا لو سبح أو هلل أو كبر ولم يرد به التسمية على الذبيحة، وإنما أراد به وصفه بالوحدانية والتنزه عن الحدوث لا غير لا يحل لما قلنا" (?) ، فإن اشتراط القصد في هذا الكلام صريح، وهو عين النية المطلوبة، ويقرب منه ما قاله العلامة السرخسي: "وإنما يتميز الذكر على الذبح وغيره بقصد منه التسمية فإذا لم يقصد التسمية لا يحل ". (?)