الشيخ خليل الميس:
استكمالا لما جاء على لسان أخينا الشيخ الخليلي نحن أمام العالم كله والذي يزايد بعضهم علينا بإنسانية الإنسان، فلا بد أن نقرر وهذا أمر ثابت في كتاب الله تعالي {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ} [الإسراء: 70] ، كما هو ثابت في قوله تعالى {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32] ، إذن نحن ما بين أمرين، أن نمنع القتل وأن نصبر على الأحياء أو الحفاظ على الحياة.
بالنسبة للإيدز لنبدأ في الأمور الإجرائية، وأود أن أنقل إلى مجمعكم الكريم أن وزارة الصحة في لبنان اتصلت بالمراجع المختصة من جميع المذاهب والملل واستصدروا قرارا بوجوب الفحص لكل خاطبين. لا يجري أي عقد زواج في لبنان إلا بعد أن يتقدم الخاطبان في المحكمة الشرعية بإجراء فحص أو من الجهات الأخرى، وذلك صيانة لهذا الأمر. هذا من وجه،
أمر آخر أن يعتبر علاج مرض الإيدز مثل علاج مرض القلب في لبنان رغم ظروفه المالية القاسية فإن علاج مرض القلب هو على نفقة الدولة، يعني مرضى القلب والأمراض المستعصية سار على نفقة الدولة فقد بيأس الإنسان ويترك نفسه. هذا مريض القلب إذا أهمل إنما يهمل نفسه فيموت ربما، إنما يخسر ذاته ولكن المريض بمرض الإيدز إذا أهمل ربما يؤثر في المجتمع كله. فإذن ربما يحسن أن تصدر توصية بأن تتبنى الدول علاج المرضى بمرض الإيدز أو تيسر لمن أراد أن يفحص نفسه حتى لا يمنع الفقر من العلاج لكونه يحمل مصيبة. اليوم نحن نعرف أن العالم كله يدعو إلى وقف الحرب النووية وما إلى ذلك والتجارب النووية فإن مرض الإيدز أظن هو قريب من القضايا النووية في العالم بل ربما أخطر من ذلك لأن تلك لا تضرب إلا في الحرب أما هذا ففي الحرب والسلم على حد سواء. إذن هذان إجراءان.
يبقى أمر آخر من الناحية الفقهية، المريض مرض الموت , نعم تصرفاته التي اتصلت بموته كلنا طبعا يعرف هذا الأمر المريض مرض الموت هو الذي أقعده المرض وأضناه حتى مات. يعني لنفترض جدلا أن رجلا مريضا بمرض الإيدز، زوجته هجرته وأبناؤه هجروه، فذهب إلى بلد لا تشترط إجراء الفحص الطبي وأجرى عقدا على امرأة أو اثنين أو ثلاث وكتب لهم كل ما يملك، وهذا قد يحصل منه وذلك في لحظة يأس من حياته، ماذا يكون قد فعل هذا؟ ألا نعتبر تصرفاته هنا تصرف مرض الموت ونبطل عليه مثل هذه التصرفات أم لا؟ هذا الذي يمكننا أن ننظر إليه أنه في لحظات يأسه إذا تصرف تصرف اليائس وأضر بالورثة أن يجرى عليه أحكام مريض مرض الموت.
هذا والله أعلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.