أحدهما: أن يكون مخوفًا، أي يغلب الهلاك منه عادة أو يكثر. قال النووي: المرض المخوف هو الذي يخاف منه الموت لكثرة من يموت به) (?) . وقال ابن تيمية: ليس معنى المرض المخوف الذي يغلب على القلب الموت منه أو يتساوى في الظن جانب البقاء والموت.. وإنما الغرض أن يكون سببًا صالحًا للموت فيضاف إليه ويجوز حدوثه عنده. وأقرب ما يقال: ما يكثر حصول الموت منه، فلا عبرة بما يندر وجود الموت منه (?) .

الثاني: أن يتصل المرض بالموت سواء وقع الموت بسببه أم بسبب آخر خارجي عن المرض كقتل أو غرق أو حريق أو تصادم أو غير ذلك (?) والمريض ما دام حيًا لا يجوز لدائنيه أو لورثته الاعتراض على تصرفاته لجواز أن يشفى من مرضه، أما إذا انتهى المرض المخوف بالموت فتبين عندئذ أن التصرف قد وقع في مرض الموت وبالتالي يعود الورثة أو الدائنين بأثر رجعي لإبطال تلك التصرفات الضارة بهم) (?) .

يقول الدكتور نزيه حماد: (وإنما اشترط الفقهاء لتحقق مرض الموت أن يجتمع فيه الوصفان المشار إليهما، واعتبروهما مناطًا للتعليل يدور معهما الحكم وجودًا وعدمًا لأن قيام هاتين العلامتين يدل على أن المريض في حالة نفسية ويستشعر فيها دنو أجله، واقتراب منيته، وأنه مشرف على الموت، مما قد يبعثه على إبرام تصرفات قد تضر بحقوق دائنيه وورثته. وذلك هو السبب في تقييد الشارع لتصرفاته التي تمس بحقوقهما، وجعل أحكاما خاصة لها بحسب نوع التصرف وما ينتج من آثار) .

وقد أدخل الفقهاء في حكم مرض الموت التحام القتال فتوقع الهلاك أشد من المرض المخوف، والأسير المحبوس إذا كان من العادة أن يقتل، وإذا ركب البحر وتموج واضطرب وهبت الريح العاصف وخيف الغرق فهو مخوف.. والمرأة الحامل عند الطلق (لأن الولادة كانت مخوفة ويهلك الكثير من النساء بسببها. أما اليوم فلم تعد كذلك إلا حالات نادرة محددة) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015