القسم الثاني: الجنون والجذام والبرص وأضاف بعضهم البخَر في الفم والفرج والقرع والكساح، وكل عيب مستحكم منفر، ومن هؤلاء الإمام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم. قال ابن القيم في زاد المعاد: (والقياس أن كل عيب ينفر الزوج الآخر منه، ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة يوجب الخيار) (?) . وقال: (يردُّ النكاح من كل داء عضال) .
وذكر ابن القيم أيضًا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: أيما امرأة تزوجت وبها جنون أوجذام أو برص، فدخل بها، ثم اطلع على ذلك، فلها مهرها بمسيسه إياها، وعلى الولي الصداق بما دلس كما غره. وذكر عن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: أيما امرأة نكحت وبها برص أو جنون أو جذام أو قرن فزوجها بالخيار ما لم يمسها، إن شاء أمسك وإن شاء طلق، وإن مسها فلها المهر بما استحل من فرجها.
وذكر الدكتور عمر الأشقر الفروق بين الطلاق والفسخ فذكر تعريف الفقهاء للطلاق مثل قولهم: الطلاق حل عقدة النكاح بلفظ الطلاق ونحوها. وفي الطلاق للمرأة المهر والمتعة في العدة إذا تم ذلك بعد الدخول فإن طلقها قبل أن يمسها فلها نصف الصداق المسمى فإن لم يكن قد سمى الصداق وحدده فلها المتعة قال تعالى: {لَّا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنْسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة: 236 – 237] .
وأما الفسخ بسبب عيب علم به الزوج قبل الدخول فلا يلزم الزوج شيء: لا نصف المهر ولا المتعة..وأما إذا علم به بعد الدخول بها فلها المهر بما مسها به ويعود به على من غره. أي أن الولي الذي غره (أو غيره) عليه أن يدفع للزوج ما دفعه من مهر. والمهر للزوجة بعد الدخول ثابت سواء كان العيب فيه أم فيها.