وقد اختلف فقهاء الحنفية في حصر العيوب والأمراض التي يحق للمرأة طلب الفرقة لأجلها فذهب أبو حنيفة وأبو يوسف في حصرها في عدد معين لا يتجاوزه إلى غيره، وذهب محمد بن الحسن إلى عدم الحصر. قال محمد: ترد المرأة إذا كان بالرجل عيب فاحش بحيث لا تطيق المقام معه لأنه تعذر عليها الوصول إلى حقها لمعنى فيه فصار كالجب والعنة (?) .
وذكر (أن الخيار في العيوب الخمسة إنما ثبت لدفع الضرر عن المرأة. وهذه العيوب في إلحاق الضرر بها فوق تلك لأنها من الأمراض المعدية عادة فلما ثبت الخيار بتلك فلأن يثبت الخيار بهذه أولى (. . . . (?) .
وقد استدل الحنفية إلى ما ذهبوا إليه بحديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: ((لا ضرر ولا ضرار)) . . . . (?) . وفي إمساكها مع خشية تعدي المرض إليها إضرار بها. وقال تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] وإمساكها مع خوفها من انتقال المرض إليها ليس فيه من الإحسان شيء. وبقاؤها معه على خوف من المرض يؤدي إلى فوات مقصد الإلفة والرحمة والإحصان، وهي أهم مقاصد الزواج.
الرأي الثالث: وهو رأي جمهور الفقهاء. ويقسمون العيوب والأمراض التي يفسخ النكاح بسببها إلى قسمين: إما أن تكون موجودة قبل العقد والدخول أو حادثة بعدهما. فالموجودة قبل العقد اتفق جمهور فقهاء الحنابلة والشافعية والمالكية والزيدية على الرد بها (واختلفوا في عدد هذه العيوب والأمراض، وبعضهم مثل ابن تيمية وابن القيم وبعض الشافعية جعلها في كل علة تسبب الضرر أو النفرة بين الزوجين) .
ولم يفرق الحنابلة والشافعية بين العيوب والأمراض الحادثة قبل العقد وتلك الحادثة بعده في جواز التفريق، بينما جعل المالكية والأمامية للمرأة حق طلب الفسخ في العيوب والأمراض الحادثة قبل العقد بالنسبة للرجل لأن بيده العصمة ويستطيع التطليق، وهي ليست كذلك.