ثانيا: روى مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم السَّعْدَينِ أن يبيعا آنية من المغانم من ذهب أو فضة، فباعا كل ثلاثة بأربعة – هذا الحديث الذي ذكرناه سابقا في صحيح مسلم – عينا، وكل أربعة بثلاثة عينا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أربيتما فَرُدَّا)) وهو حديث مرسل، وقد روي هذا الحديث متصلا من طريق آخر، فقد رواه ابن عبد البر قال: ذكر يعقوب بن شيبة، وسعد بن عبد الله بن الحكم، قالا: حدثنا قدامة بن محمد بن قدامة بن خشرم الأشجعي، عن أبيه قال: قال: حدثني مخرمة بن بكير، قال: سمعت أبا كثير جلال ... إلى أن قال: سمعت حنشا السبئي، عن فضالة بن عبيد يقول: كنا يوم خيبر، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الغنائم سعدَ بنَ أبي وقاصٍ وسعدَ بنَ عبادة، فأرادا أن يبيعا الدينارين بالثلاثة، والثلاثةَ بالخمسة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا، إلا مثلا بمثل)) قال ابن عبد البر: وهذا إسناد صحيح متصل حسن. وروى مالك عن حميد بن قيس المكي، عن مجاهد أنه قال: كنت مع عبد الله بن عمر فجاءه صائغ، فقال له: يا أبا عبد الرحمن، إني أصوغ الذهب، ثم أبيع الشيء من ذلك بأكثر من وزنه، فأستفضل من ذلك قدرَ عمل يدي. فنهاه عبدُ الله عن ذلك، فجعل الصائغ يُردّدُ عليه المسألةَ وعبدُ الله ينهاه، حتى انتهى إلى باب المسجد، أو إلى دابة يريد أن يركبها، ثم قال عبد الله بن عمر: الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم، لا فضلَ بينهما، هذا عهدُ نبيِّنا إلينا وعهدُنا إليكم، قال أحمد البنا: رواه مالك، والشافعي في مسنده، والبيهقي وسنده عنده جيد. رواه الإمام الشافعي في الرسالة عن ابن عمر، أنه قال: الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم، لا فضل بينهما، هذا عهد نبينا إلينا، وعهدنا إليكم. قال أحمد شاكر: حديث صحيح جدا. ورى مالك عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، أن معاوية بن أبي سفيان باع سقاية من ذهب أو وَرِقٍ بأكثر من وزنها، فقال أبو الدرداء: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذا، إلا مِثلا بمثل. فقال له معاويةُ: ما أرى بمثل هذا بأسا. فقال أبو الدرداء: من يعذرني من معاوية؟ أنا أخبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخبرني عن رأيه، لا أُساكنك بأرض أنت بها. ثم قدم أبو الدرداء على عمرَ بن الخطاب فذكر ذلك له، فكتب عمرُ بن الخطاب إلى معاوية: ألا تبعْ ذلك إلا مثلا بمثل، وزنا بوزن. وهذا حديث صحيح.

وعن فضالة بن عبيد الأنصاري يقول: أُتِيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو بخيبرَ بقلادة فيها خرز وذهب، وهي من المغانم، تباع، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذهب الذي في القلادة فنزع وحدَهُ، ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذهب بالذهب وزنا بوزن)) . ومعلوم أن القلادة حلي مصوغة. وروى أنس بن مالك قال: أُتِيَ عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه بإناء كَسْروَانيٍّ قد أُحكمت صنعته، فبعثني به لأبيعه فأعطيت به وزنا، فذكرت ذلك لعمر رضي الله عنه، فقال: أما الزيادة فلا. وهذا الإناء من ذهب أو فضة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015