وقد تكلم فضيلة الشيخ في مسألة اجتماع الصرف والحوالة، وَكَيَّفَهَا على أنها سَُفْتَجَة، والذي نراه أنها إجارة وليست سفتجة. هذه المعاملة جائزة، والوصف الفقهي لها عندي إجارة على نقل النقود أو صرف وإجارة، ففي حالة استلام ذات العملة فهي إجارة فقط، وفي حالة استلام عملة أخرى بديلة للعملة المقدمة كالجنيهات المصرية مثلا مقابل الريالات السعودية فهي صرف ثم إجارة، كلٌّ من العقدين مستقل عن الآخر؛ لأن تحويل الريالات إلى جنيهات صرف، ثم نقلها أو التعهد بنقلها إلى القاهرة، أو إلى أي بلد آخر، وأخذ عوض مقابل هذا النقل، يعتبر إجارة على نقل النقود؛ لأنه هو مقصود العاقدينِ، وليست العمولة التي يدفعها طالب التحويل إلا أجرة النقل، والمصرف له أن يتخذ الوسيلة التي ينفذ العقد بها، من هذه الوسائل الشيك أو البرقية أو الفاكس أو التليفون أو نحو ذلك.
لكن في جميع الأحوال يجب أن يفرق بين الصرف والإجارة؛ لأن الصرف يشترط فيه التقابض، وسبق أن ذكرنا أن قبض الشيك أو قبض المستند الذي يقوم مقامه في حالة الإرسال بواسطة الفاكس أو البرقية أو نحوهما، يعد قبضا حُكميًّا صحيحا.
أما تكييفه على السَُفْتجة فهذا لا أرى صحته؛ لأن السفتجة قرض كما هو رأي جمهور الفقهاء، فقد عرَّفها الدسوقي بأنها الكتاب الذي يرسله المقترض لوكيله من بلد ليدفع للمقترض نظير ما أخذه منه ببلده، وهي المسماة بـ (البالوصة) . ولأن الجموع التي تقف في المصارف لإرسال النقود إلى ذويهم أو عملائهم أو حساباتهم في مصارف أخرى، في الحقيقة ليست مقرضة، ولا يتبادر إليها القبض بأيِّ حال، وأن المقترض في السفتجة لا يتقاضى أجرا، أما المصارف اليوم فإنها تأخذ أجرا على هذه العملية. فإنْ قيلَ: إنها حوالة، قلنا: لا يصح تكيِيفها على الحوالة؛ لأن الحوالةَ نقلُ الدَّيْنِ من ذمةٍ إلى ذمة، والصورةُ التي نحن بصددها الأصل فيها أنه ليس هناك دائن ولا مدين، وإن وجدت عند تحويل مستوردي البضائع إلى دائنيهم المصدرين، إلا أنها لا توجد في بقية الحالات، مثل أن يحول إلى حسابه أو إلى أولاده؛ ولأن من أركان الحوالة المحيل والمحتال والمحال عليه، وهذا غير متوفرٍ في كل الحوالات المعاصرة. ولا يجوزُ أخذُ الأجرةِ في عقدِ الحوالة، بينما الحوالات المصرفية يصح أخذ الأجرة عليها؛ لأنها إجارة، على تعهده بإيصال النقود إلى البلد الذي اتفق العميل مع المصرف عليه، سواء أكان المصرف الذي حرر الشيك عليه فرعا له أم وكيلا عنه. هذا ما يتعلق باجتماع الصرف والحوالة.
أما ما يتعلق ببيع أسهم الشركة التي تعمل في استخراج الذهب، فأَتَّفِقُ مع فضيلة الشيخ على جوازه؛ لأن المنظور إليه هو رأس مال الشركة.
وأكتفي بالقدر هذا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.