قال ابن عبد البر وابن حزم: لا يجوز للعامي تتبع الرخص إجماعًا. والسبب أنه مؤد إلى إسقاط التكليف في كل مسألة مختلف فيها.
2- وأما المخفف فهم بعض المالكية كالقرافي وأكثر أصحاب الشافعي، والراجح عند الحنفية، قالوا: يجوز تتبع رخص المذاهب؛ لأنه لم يوجد في الشرع ما يمنع منه؛ إذ للإنسان أن يسلك الأخف عليه، إذا كان له إليه سبيل، بأن لم يكن عمل بآخر، بل إن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم العملية والقولية تقتضي جوازه؛ فإنه عليه الصلاة والسلام ((ما خير بين شيئين إلا اختار أيسرهما)) (?) ، ((وكان صلى الله عليه وسلم يحب ما خفف على أمته)) (?) وقال: ((بعثت بالحنيفية السمحة)) (?) . وقال الشعبي: " ما خير رجل بين أمرين، فاختار أيسرهما إلا كان ذلك أحبهما إلى الله تعالى ".
وقد أخذ بهذا الرأي الكمال بن الهمام في التحرير، وصاحب مسلم الثبوت: محب الله بن عبد الشكور.
3- وأما المتوسط فهو القرافي قال: يجوز تتبع الرخص بشرط ألا يترتب عليه العمل بما هو باطل عند جميع من قلدهم، كما إذا قلد الإمام مالك في عدم نقض الوضوء بلمس المرأة بغير شهوة، وقلد الإمام الشافعي في عدم وجوب ذلك الأعضاء في الوضوء، أو عدم وجوب مسح جميع الرأس، فإن صلاته تكون باطلة عند الإمامين لعدم صحة الوضوء عند كل منهما. ومضمون هذا الرأي ألا يؤدي تتبع الرخص إلى التلفيق.
والذي أراه: أن القيد الذي ذكره القرافي وهو: ألا يترتب على تتبع الرخص بما هو باطل لدى جميع من قلدهم " لا دليل عليه من نص أو إجماع، وإنما هو قيد ذكره بعض المتأخرين، كما قرر الكمال بن الهمام في تحريره، فإذا جاز للشخص مخالفة بعض المجتهدين في كل ما ذهب إليه، جازت مخالفته في بعض ما ذهب إليه من باب أولى، كما قال صاحب تيسير التحرير.