(2) تتبع الرخص
ورأي الفقهاء والأصوليين فيه
إن الكلام السابق عن الرخصة تصنيف بارع لعلماء الأصول، متعلق بما قرره الشرع بنصوص صريحة أو بالقياس على النص الشرعي، وهذا لا خلاف فيه.
أما تتبع الرخص فالغالب استعماله في تتبع رخص المذاهب الفقهية، وهو محل خلاف بين العلماء. ومعناه: أن يأخذ الشخص من كل مذهب ما هو أهون عليه وأيسر فيما يطرأ عليه من المسائل. وقد شرط متأخرو العلماء في التقليد ألا يؤدي إلى تتبع الرخص.
وللأصوليين آراء ثلاثة فيه: " مشدد ومضيق ومتوسط (?) ، ومنشأ الخلاف كما ذكر الشعراني في كتابه " الميزان الكبرى ": وهو فقه مقارن، أن آراء العلماء تتردد بين تشديد وتخفيف، فتراه يذكر في مئات المسائل الفقهية آراء أئمة المذاهب، ثم يردها إلى مرتبتي الميزان، مخفف ومشدد.
1- أما المشدد فهم قوم كثيرون منهم النووي في فتاويه والغزالي، والمالكية والحنابلة في الأصح عندهم قالوا: يمتنع تتبع الرخص في المذاهب؛ لأنه ميل مع أهواء الناس، والشرع جاء بالنهي عن اتباع الهوى، قال الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59] فلا يصح رد المتنازع فيه إلى أهواء النفوس، وإنما يرد إلى الشريعة. فلو اختار من كل مذهب ما هو الأهون عليه، قال أبو إسحاق المروزي: يفسق، وقال ابن أبي هريرة: لا يفسق.