تصادم المشقة مع النص:

قال ابن نجيم المصري (?) : المشقة والحرج إنما يعتبر في موضوع لا نص فيه، وأما مع النص بخلافه، فلا يجوز التخفيف بالمشقة، ولذا قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله بحرمة حشيش الحرم المكي وقطعه إلا الإذخر (نبات طيب الرائحة) . وكذلك يقول أبو حنيفة بتغليظ نجاسة الأرواث، لقوله عليه الصلاة والسلام – فيما رواه البخاري وغيره – "إنها ركس " أي نجس. ويقول أبو حنيفة أيضا بنجاسة بول الإنسان المنصوص على نجاسته، فهذا وإن كان فيه مشقة وعمت به البلوى، فلا يعفى عنه. وعلى هذا فالمشقة هنا لم تجلب التيسير، بسبب وجود النص على النجاسة.

صحة الفعل مع المشقة:

ذكر الزركشي في قواعده (?) هذا الحكم، فقال: من خفف عليه للمشقة لو تكلف وفعل، صح إذا لم يخش الهلاك أو الضرر العظيم، كالمريض يتحمل المشقة في حضور الجمعة، والفقير يتحمل المشقة بحضور عرفات، وسقط عنه الفرض. فإن خشي ذلك، وهو بهذه الحالة، فيجب عليه الفطر إذا كان صائمًا في رمضان، فإن صام عصى. قال الغزالي: ويحتمل ألا ينعقد؛ لأنه عاص به، فكيف يتقرب بما يعصي، ويحتمل أن يقال: إنما عصى لجنايته على الروح التي هي حق الله تعالى، فيكون كالمصلي في الدار المغصوبة، يعصي لتناوله حق الغير، وكذلك هذا لم يعص من حيث إنه صائم، بل من حيث سعيه في الهلاك.

وقال القرافي (?) : إذا كان المريض يخشى على نفسه أو عضو من أعضائه أو منفعة من منافعه، فهذا يحرم عليه الصوم.

ويجري هذا بالنسبة لفقير عاجز عن المشي لأداء الحج، أو مريض يقوم حال أداء الصلاة ونحوهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015