ففي العبادات: لكل عبادة مرتبة معينة من المشاق المؤثر فيها إسقاطًا أو تخفيفًا.
وأما المعاملات فإنها تتأثر بمرتبة واحدة من المشاق، وهي أدنى المشاق فيها.
والفرق بين العبادات والمعاملات: هو أن المصالح في كل منها تختلف عن الأخرى، فالمصالح المترتبة على العبادات باقية إلى الأبد مع الفوز برضاء الله تعالى، فلا يليق تضييع تلك المصالح بأقل مشقة مع يسر احتمالها. قال العز بن عبد السلام: الأولى في ضبط مشاق العبادات: أن تضبط مشقة كل عبادة بأدنى المشاق المعتبرة في الشرع، في تخفيف تلك العبادة، فإن كانت مثلها أو أزيد منها ثبتت الرخصة بها، وإن كانت أدنى أو أقل منها لم يثبت الترخيص بها (?) .
وأما الإكراه: فهو حمل الغير على أن يفعل ما لا يرضاه، ولا يختار مباشرته لو ترك ونفسه. أي إنه التهديد بإلحاق ضرر بالنفس أو العرض أو المال، كالتهديد بالقتل أو الضرب، أو الجرح أو القطع، أو الحبس أو أخذ مال يضره، أو الاعتداء على عرضه، ونحو ذلك. وهو يختلف عن الضرورة.
قال البزدوي: إن حال الضرورة أشد على النفس من حال الإكراه، فهي تبيح الفعل مطلقا، أما الإكراه فقد يبيح الفعل، وقد لا يبيحه، فإذا ثبتت الإباحة في حال الإكراه، عرف أن الاضطرار قد تحقق (?) .
والاضطرار: الوقوع في الحرج أو المشقة إذا فعل الإنسان شيئا أو ترك شيئا، مثل أكل الميتة عند الجوع الشديد، وشرب الخمر عند العطش الشديد، وزيادة المرض إذا أدى الإنسان العبادة بكيفيتها المعتادة.
والسفر: هو الخروج من الموطن على قصد المسير إلى موضع بينه وبين ذلك الموطن مسيرة ثلاثة أيام فأكثر، بسير الإبل ومشي الأقدام، وتقدر بعشرين ساعة وثلث، أو بمسافة 86 كم في رأي الحنفية، أو 96 كم في رأي الشافعية.
المرض: هو هيئة غير طبيعية في بدن الإنسان ينجم عنها بالذات آفة في الفعل، كالتيمم بالتراب للصلاة عند وجود مشقة باستعمال الماء، كالخوف على النفس أو العضو، أو زيادة المرض، أو بطء البرء، أو حدوث شين قبيح في عضو ظاهر.
والخوف الشديد: هو الذعر الذي يتملك الإنسان بسبب عدو أو حيوان مفترس مثلا، فيجوز ترك الواجب عنده، كترك صلاة الجمعة والجماعة إذا خاف الإنسان من عدو يترقبه، أو وحش يفترسه.