ومن هنا كان واجب علماء الأمة الإسلامية أفرادا وجماعات، الاجتهاد في كل عصر، بل الواجب أن لا يخلو منهم جيل كي يستنبطوا من نصوص الشرع أحكام ما يستجد من حوادث ووقائع، ولكي يصلحوا التحريف، ويحقوا الحق ويزيلوا الزيغ حتى يعود الفكر الإسلامي غضا طريا كما كان، خصوصا وأن الاجتهاد الجماعي في هذا العصر متيسر بفضل تطور وسائل الاتصالات، وأن دواعي الاجتهاد قائمة وملحة أكثر من أي عصر مضى.

لقد وجد المجتمع الدولي في عصر التكنولوجيا نفسه متلامسا تتصل الأمور فيه وتتشابك وتتعقد أكثر من ذي قبل، فلابد من القوة للصمود أمام ما يتحاوره من الأفكار والأيديلوجيات والمصالح المتنافسة إن لم تكن متعارضة متناقضة.

فعلى الأمة الإسلامية ممثلة في علمائها أن يهبوا للدفاع عن دينهم الحنيف وأن يجتهدوا اجتهادا جماعيا لمواجهة قضايا الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية برد كل جديد منها إلى الأصول الشرعية من الكتاب والسنة.

ولا يفوتني في هذا السياق، أن أؤكد على أهمية دور الدعوة الإسلامية التي يجب أن تبنى على أسس علمية عصرية وتجريبية مع أخذ الخصوصيات الثقافية لكل شعب بعين الاعتبار، وخاصة في آسيا حيث تتكالب التيارات المعادية للإسلام لتأخذ حجما ما انفك يتزايد يوما بعد يوم.

صاحب الجلالة

أصحاب المعالي

أصحاب الفضيلة

أيها الإخوة الكرام.

إننا نشهد اليوم صارعات مأساوية، معظمها يدور داخل حدود وطننا الإسلامي الكبير، كذلك فإن المجتمع الدولي الذي له وسائل وضع حد لهذه الصراعات أصبح يفضل الكيل بمكيالين بمجرد أن تكون مصالحه غير مهدده مباشرة. وهكذا تستمر معاناة الشعب الفلسطيني بفعل تعنت إسرائيل التي تتمادى دون وازع في تحدي القرارات الدولية وتقتيل المئات من شباب الانتفاضة المباركة، وطرد المواطنين العرب من الأراضي المحتلة، وفرض الحصار الكامل على هذه الأراضي بهدف تركيع المناضلين الفلسطينيين.

وفي البوسنة والهرسك يبدو أن المجازر الرهيبة التي تذكر في جنونها بأبشع الجرائم النازية، لا تحرك ساكن ضمير المسؤولين عن المجتمع الدولي. إن سياسة التطهير العرقي، واغتصاب النساء المسلمات، وتقتيل الأبرياء، وإقامة المحتشدات وغيرها من الجرائم التي يرتكبها الصرب ضد شعب البوسنة ما تزال متواصلة بنفس النسق بينما يركن المجتمع الدولي للتردد والتخاذل مما شجع المعتدي الصربي على الدوس على كل القرارات الرامية إلى وضع حد لمجزرة البوسنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015