وفي نفس المقام أرى من واجبي أن أخص بالإشادة مسؤولي مجمع الفقه الإسلامي، وخاصة منهم فضيلة الشيخ بكر أبو زيد، وفضيلة الشيخ محمد الحبيب بن الخوجة لما يبذلانه من جهد دؤوب على رأس هذه المؤسسة الإسلامية الهامة.

إن هذا الصرح الإسلامي العظيم، مجمع الفقه الإسلامي، الذي تلتقي فيه اجتهادات فقهاء الإسلام وعلمائه وحكمائه كي تقدم للأمة الإسلامية الإجابة الشافية على كل تساؤل تطرحه الحياة المعاصرة؛ فإن منجزاته ومشاريعه العلمية الضخمة التي حققها في فترة زمنية قياسية لم تقتصر على دراسة مشكلات وقضايا الحياة المعاصرة والاجتهاد فيها وإيجاد حلول ناجعة لها، بل امتد الأمر كذلك إلى تبصير المسلمين بأمور دينهم، سواء أكان هؤلاء المسلمون في الدول الأعضاء أم في الدول غير الأعضاء، هذا إضافة إلى سعي المجمع لترسيخ الفكر الإسلامي الأصيل في شتى مجالات المعرفة: فقهية وثقافية، وعلمية واقتصادية، وغير ذلك.

جلالة السلطان،

أصحاب المعالي والفضيلة

حضرات الإخوة الكرام،

إن الدارس للمجتمعات الإسلامية والتاريخ الإسلامي يقف على حقيقة من حقائق الإسلام تكشف عن أسراره، وهي أن الفقه الإسلامي كان ولا يزال من أهم الأسس والعوامل التي ساهمت في بناء الأمة الإسلامية، وتكوين حضارتها واتساع عمرانها وامتداد سلطانها؛ لأنه فقه يقوم على العدالة، ويشرع الحقوق ويصونها، ويكفل الحرية، ويلائم الفطر السليمة، ويزيل الفوارق، ويساير التطور، ويمسك بالأصول والقواعد العادلة.

وما ذلك إلا لأنه مستمد من شرع لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، وإرشاد من رسول أمين، لا ينطق عن الهوى ولا يحيد عن الحق، فجاء أول ما جاء ثابت القواعد، راسخ الأساس، سليم المبادئ، صحيح النتائج، متفقا مع الأعراف الصحيحة والعادات الحسنة والأخلاق الكريمة، يهدي إلى الإصلاح، ويدعو إلى السمو، وينأى بجانبه عن الركود والقعود.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015