إن الأمة الإسلامية في غنى عن هذه الخلافات التي تفضي في بعض الأحيان إلى اشتعال حروب بين الأشقاء، بينما يحذر ديننا الحنيف عن الاقتتال فيما بيننا، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول في نص صريح ((إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار)) .
فالأمة الإسلامية على اختلاف جنسياتها، لا ينبغي لها الإفراط ولا التفريط، فتقدم السياسة على الشرع، والعكس صحيح؛ فإن السياسة لابد وأن يراقبها الشرع ويقيدها بقيود شرعية عادلة، وذلك لأنه ليس كل ما يحلو في نظر الحس والهوى فهو حسن، ولكن الحسن ما رآه الدين حسنا، وإن كان مرًّا لا يكاد يتجرعه أي إنسان.
وفي نظري أن الضعف أو الوهن الذي تخلل إلى جسم الأمة الإسلامية اليوم ليس ناتجًا عن المؤامرات التي خططها أعداء الإسلام، إنما هو نابع عن تصرفات هذه الأمة نفسها، وذلك لفقدان ثقتها بالإسلام وقلة رغبتها في الانقياد لأحكامه وتعاليمه، بل العكس إنها مؤمنة بالأفكار والثقافات المنبثقة من تيارات أو اتجاهات هدامة.
وهذا في الواقع من أكبر العوامل التي جعلت الأمة الإسلامية عاجزة عن تقديم ما يرجع بالنفع إلى أنفسهم، وبالأولى إلى المجتمع الإسلامي على المستوى الدولي.
وما نشاهده اليوم هنا وهناك من قضايا ومشكلات متناثرة ومتراكمة، كقضية فلسطين والخليج والبوسنة وكشمير والصومال وغيرها كثير، تتطلب وحدة الأمة الإسلامية وتماسكها فيما بينها دون الاعتماد على غيرها، فكان من الواجب علينا ألا نسمح لأعدائنا أن يستولوا على أي شبر من أراضينا فيجزئوها كيف يشاؤون، في حين يتعرض شعبها المسلم للهلاك دون أن يجدوا من يمد إليهم يد العون والمساعدة، وحتى من إخوانهم في الدين، مع أن المسلمين فيما بينهم جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
وإنني متأكد من أن الأمة الإسلامية إذا اتحدت وتعاطفت وتعاضدت، فإن المكائد والمؤامرات التي تتستر وراء المساعدات الدولية الخادعة والتي دبرها أعداء الإسلام لن تؤثر فيها ولن تجد إليها سبيلا.