أما ثوابت فهمنا فألخصها بالنقاط التالية:

أولًا لابد أن يكون واضحًا أن الدين عند الله الإسلام، {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} ؛ {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} ؛ {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} ؛ {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} ؛ {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ} ؛ {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} ؛ {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} . وهناك نصوص من السنة والسيرة تشير إلى أدبيات وقيم تعاملنا مع غير الإسلام، مثل ما جاء في موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف الفضول , ومثل ما جاء من طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابة بالهجرة الأولى أن يذهبوا إلى رجل لا يظلم عنده أحد وهو نصراني، مثل كذلك ما جاء في وثيقة صلح الحديبية، وكذلك في محاور التحرك يوم الأحزاب، وكذلك ما جاء في وثيقة المدينة المنورة ثم جاء من أقوال على لسان أئمة هذه الأمة، وأذكر منها مثلًا في إطار دراسات ولا سيما في ما جاء على لسان الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه، إذ يقول في السياسة الشرعية كلامًا أقف أمامه وأجد أنه قابل لأن يعتبر منطلقًا من منطلقات التعامل الدولي، يقول ابن تيمية: إن الله لينصر الدولة الكافرة العادلة على الدولة المسلمة الجائرة، وقفت عند هذا النص وقلت هل يوجد دولة كافرة عادلة؟ وهل يتحقق العدل بغير الإسلام؟ وقفت أمام هذا الكلام وأطلت النظر به ثم رجعت إلى كتب وإلى أقوال، فوجدت مع مقابلة النصوص ومقابلة الأقوال فوجدت بالفعل أنه يمكن لدولة كافرة أن تقيم عدلًا، لكن هذا العدل لا يقوم على أساس إيمان إسلامي أو عقدي، إنما يقوم هذا العدل على أساس فطرة الإنسان ونزوعه نحو الخير ونزوعه لإلحاق الحق في حياته الخاصة، فقلت: إذن العدل هو قضية الإسلام الأولى، ومادام العدل هو قضية الإسلام الأولى وأن الله سبحانه وتعالى وصف الشرك بالظلم {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} إن أكبر قضية وأساس قضية الإسلام في الأرض هي إقامة العدل ومن هنا لا بد في الحقيقة أن تجمع هذه النصوص، وهناك قول آخر جاء كذلك بفتاوى ابن تيمية رحمة الله عليه، يقول: الشريعة جاءت لتحسين المصالح وتكميلها وإلغاء المفاسد أو تقليلها. هذا القول بالإضافة إلى أقوال كثيرة لأئمة المسلمين ولسلفهم وللتابعين أجدها كلها تشكل موضوعًا متكاملًا لو شكلت لها لجنة من هذا المجمع الطيب المبارك لاستطاعت أن توفق بين هذه النصوص وتخرج لنا باستراتيجية تنظيرية أولًا، ثم استراتيجية عملية كيف نواجه فيها هذا الغزو.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015