الأصل بيننا وبينهم هو جهاد بيان وجهاد أديان وجهاد عقائد وجهاد ثقافات، ويوم نحن نرتقي بأنفسنا لمثل هذه المواجهة الثقافية الفكرية نكون نحن قد تعاملنا مع منهجنا، كيف نواجه هذا الزحف الثقافي ونحن نتمنى أن يبقى الصراع بيننا وبينهم صراعًا ثقافيًّا وفكريًّا؟ إلَّا أن الإشكالية التي نواجهها هو أن هذا الغزو الثقافي عندهم هو مقدمة لغزو عسكري وغزو هيمني على الأمة، إلَّا أننا نحن عندما نتحدث عن تحركنا الثقافي نتكلم عن ذلك ونحن معزولون عن أي استراتيجية تكمل خطوات توجهاتنا أو خطوات ما نريد في مواجهة هذا الغزو، وهذا ما أشار إليه الإخوة بأن ذاك الغزو تدعمه قوى وتدعمه منظمات ونحن أمة لا بواكي لها، إلَّا أنه هذا لا يجعلنا نقف مكتوفي الأيدي ولا ينبغي أن يكون مبعثًا لليأس في نفوسنا، فلا بد أن نورث أجيالنا استراتيجية أو منطلقات أو ثوابت أو مفاهيم محددة بين يدي استراتيجية عمل إسلامي، لعل أجيالنا المستقبلية أن تجد ما يعينها بإذن الله تعالى على مواجهة هذا الغزو الحضاري أو الثقافي أو الديني، وهنا اسمحوا لي أن أحدد بعض النقاط التي تشكل أساس استراتيجيتنا أو أساس استراتيجية إسلامية مضادة لهذا الغزو الذي أطلعنا عنه الحديث وعن تفصيلاته، أحسب أن أول مقوم وأساس هذه الاستراتيجية يقوم على وحدة فهم الأمة لأساسيات وكليات الإسلام , إن غياب وحدة مفهوم الأمة حول أساسيات وكليات الإسلام هو مبعث تمزق هذه الأمة ومبعث فرقتها وبالتالي لا بد أن نركز، وهذا المجمع الطيب المبارك يعتبر القاعدة الأساسية للأمة، بأن يخرج من بين أيديكم ما يوحد مفهوم هذه الأمة ومفهوم أجيالها في أساسيات وكليات الإسلام في التعامل مع مجتمعاتنا القائمة، وبالتعامل ما بين مجتمعنا الإسلامي المنتظر والمجتمعات الغير الإسلامية القائمة، واسمحوا لي كذلك أن أشير إلى بعض ثوابت فهمنا لاستراتيجيتنا الإسلامية التي لو استطاع المجلس أو هذا المجلس الفقهي المبارك أن يشكل لجنة طويلة الأمد تبحث هذه الثوابت وتجمعها وتشكل منها قاعدة لوحدة فهم إسلامي، أحسب أنه سيكون هذا العمل هو عمل مبارك سيجعلنا نتحول بأنفسنا من الأقوال إلى الأعمال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015