5ـ محاربة الفكر الإسلامي والدعوة إلى فصله عن جذوره:

كان للغزو الغربي المنظم المخطط، الذي تساندت فيه كل القوى الاستعمارية واستخدمت فيه كل الوسائل والأساليب، آثاره ونتائجه الخطيرة في حياة المسلمين، تلك الآثار التي بدأت تبرز وتتسع يومًا بعد يوم، ومن أخطر نتائج هذا الغزو الفكري شيوع التبعية الفكرية للغرب، والعبودية الذليلة لكل ما يصدر عن الفكر الدخيل من مبادئ وقيم ومناهج وأنظمة وأخلاق وتقاليد وأفكار ومفاهيم.

وكان من مظاهر هذه العبودية بروز أناس يدعون إلى اتباع الغرب في كل شأن من شؤون حياته الفردية والأسرية والاجتماعية، والمادية والروحية والثقافية.

وبرز من بين ظهراني المسلمين من يدعو ـ في صراحة حينا، وبالتواء أحيانًا ـ إلى إطراح الإسلام، وشريعة الإسلام، وحضارة الإسلام.

رأينا ذلك في الهند ورأيناه في تركيا ومصر وفي غيرها من بلاد العرب والإسلام، ورأينا بعض المسلمين في هذه البلاد من يقول لأمته: انسلخي من دينك وتاريخك وشخصيتك، حتى لا تستعبدي للأجنبي. وأي استعباد أشد وأدهي من انسلاخها من ذاتيتها، واتباعها لهذا الأجنبي نفسه، وذوبانها فيه؟ (?)

ولو كان هؤلاء دعاة التغريب مؤمنين حقًّا ما رضوا لأنفسهم ولا لأمتهم بالتبعية والانصهار في خصومها الطامعين فيها، ولو كانوا مسلمين حقًّا لرفضوا كل منهج غير منهج الإسلام، ولم يقبلوا أن يبيعوا دينهم وملتهم ليتبعوا ملة اليهود أو النصارى، فيرضوا عنهم ويثنوا عليهم.

وما أروع القرآن وهو يجلي هذا الموقف إذ يقول: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (?) .

وقال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015