وأما الأعمال الخالصة التي أريد بها وجه الله وإعلاء كلمته ونشر دينه وتيسير القيام بشعائره على عامة المسلمين الوافدين على المملكة من أقاصي الدنيا، فهي رعاية بيت الله العتيق، ومسجد نبيه الشريف، والتقرب إلى الله سبحانه بإعمارهما. فمشروع خادم الحرمين الشريفين لتوسعتهما الذي بدئ تنفيذه بالمدينة المنورة في التاسع من محرم الحرام 1406هـ، وفي مكة المكرمة بوضع حجر الأساس 1409هـ قد عرفا في هذه الآونة نشاطًا متميزًا وتقدمًا رائعًا. فهيئت المسالك والجسور العلوية والسفلية إليهما، وأقيمت جميع المرافق التابعة لهما، وامتدت مساحتهما لتغطي التوسعة في الحرم المكي المعظم نحوًا من تسعة الآف متر مربع، تستوعب خمسين ألفًا من المصلين، وانتشرت أطراف المسجد النبوي الشريف الذي كان محصورًا في ستة عشر ألف متر مربع لا تأوي أكثر من ثمانية وعشرين ألف مصلي إلى نحو خمسة وستين ومائة ألف متر مربع، تستوعب قرابة الربع مليون نسمة. وأقيم بناء الإضافات في المسجدين المعظمين، مع المحافظة على الصفات المميزة لهما، وكمال التنسيق بين الأصل والتوسعة فيهما، وارتفعت المآذن العديدة الجديدة وضوعف عدد المداخل والأبواب أضعافًا، وازدادت هيبة الحرمين الشريفين وازدواج جلال وبهاء المسجدين وخالط ذلك نفوس الطائفين والراكعين الساجدين ممن يؤم هذين الحرمين الأقدسين، أو يتوجه بقلبه ومشاعره إليهما معتزًا أو منتسبًا. وها هي اليد البارة السخية تستجيب لنداء بيت المقدس الذي أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، فترسل ثلة من الفنيين والخبراء لتعاين المسجد وقبة الصخرة وتحدد ما يلزم من أشغال وتقدر تكاليف الترميم والتثبيت، فلا تتم أعمال التوسعة في الحرمين الشريفين حتى تكون قد قامت الأشغال بالمسجد الأقصى، فتشمل العناية الإلهية المساجد المباركة الثلاثة. وإن ذلك جميعه ليشهد بالمنقبة العظمى التي ادخرها الله سبحانه وتعالى في هذا العصر لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود أجزل الله مثوبته وجازاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء إنه سميع مجيب.

تلك هي الصراعات القائمة، والوقفات، والمواقف الصادقة الثابتة والعزمات:

بذلوا نفوسهم لنصرة دينهم

فلهم عليه حرمة وذمام

راموا النعيم السرمدي فأبعدوا

في نيله مرمى وعز مرام

جنحوا إلى العلياء فاهتجروا المنى

فعلى جفونهم المنام حرام

إخوان صدق: منهم من قد قضى

نحبًا ومنهم من له يستام

باعوا النفوس فحبذا من مشتر

رب لديه البر والإنعام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015