وفي مثل هذا المقام المبارك تزدحم الواردات، فبأيها يأخذ الإنسان وبأيها يقول اللسان، ولكن: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [آل عمران: 101] .
إن العمل على كف الدخولات هدف كبير من أهداف هذا المجمع، وقد تمثل تحقيقه في مجموعات من القرارات التي أصدرها في دورات مضت، بإعلان النكير والتحذير من مجموعة من المذاهب والنحل والمبادئ الوافدة على ديار المسلمين، فهذا المجمع بحق هو مئذنة لإعلان كلمة الحق وإعلائها.
وامتدادًا لهذا الحبل الموصول بإذن الله تعالى أبدى الندارة من واقعة ومكيدة خفية تسللّت إلى الصف، وغشيت الكتاب الإسلامي، ظاهرها حق محض، وباطنها باطل ومرّ، تعتلي طورًا جديدًا مفزعًا ممن غلبوا على رشدهم لداعي الهوى، والهوى لا ضابط له.
إنها قارعة التحريف، قارعة الشطط الأسود المنبوذ، بالتحريف والتغيير والتبديل والزيادة والنقص، والإدخال والإخراج، إلى غير ذلك مما يمليه على المحرف أدبُه وخلقُه وتدينه المهيض، فالكتاب من هذه الفَعَلات مكلوم، والعلم منها مهضوم، والكتاب يناديكم أيها العلماء إني مغلوب فانتَصِر.
وإن الحديث عن هذه الفعلة الخفية مما يثقل على المستمع استماعه، والقائل في غصة وتجمجم، لكن كيف به وقد وقع في جملة غير قليلة في كتب معاصرة؟! في التفسير والحديث والفقه والسير، في مصطلح الحديث؟! فأمسكوا – رحمكم الله تعالى – على مفتاح القضية، على مقتضى الأمانة العلمية، والبحث الراشد الرشيد، بالمطابقة والمقابلة بين النص المنقول والمنقول منه، والكتاب المخطوط والمطبوع عنه، لتَروا في ذلك عجبًا من نصوص تحرف عن مواضعها، وتخرج للناس في غير براقعها.