- فقد كانت إمامة الصلاة والأذان وتعليم القرآن مثلًا من أعمال التبرعات التي انقلبت تدريجيًا إلى أعمال تؤدي بالأجر بعد أن أصبح الإمام والمؤذن والمعلم بحاجة إلى المال الذي يستحقونه لقاء حبسهم أنفسهم عن العمل.
- كذلك كانت الضيافة من أعمال التبرع فكان الضيف يحل على الرحب والسعة آكلًا وشاربًا ونائمًا في بيت مضيفه دون أجر يدفعه، ولكننا نجد الفنادق هذه الأيام تؤوي الناس بالأجر وتؤكلهم بالثمن، وما من فقيه قال بأنه لا يجوز أخذ الأجر على النوم ولا دفع الثمن على الطعام إذا كان الوافد ضيفًا وإلا لأغلقت الفنادق أبوابها من الصباح الباكر.
- وإذا كانت الكفالة التي لا يجوز فيها أخذ الأجر هي الكفالة الشخصية المبنية على الشهامة أو دفع الكرب عن الناس، فإن الضمان المصرفي ليس فيه من هذا المعنى شيء لأنه عمل يؤدي لفئة من رجال الأعمال الذين يعملون في قطاعات العمل الكبير من بناء وإنشاء، وهم لا يطلبون شفقة ولا إحسانًا ولكن يطلبون خدمة تيسر لهم أعمالهم ومعاملاتهم وفق اللوائح والقوانين المطبقة عليهم.
ثالثًا: هل يجوز شرعًا إجبار الناس على قبول ما لا يرتضون من المشاركات دون أن يكونوا بحاجة إلى ذلك.؟
- ذهب بعض العلماء المعاصرين إلى القول بأن الحل في خطاب الضمان المصرفي هو أن يدخل البنك شريكًا مع المقاول قياسًا على شركة الوجيه مع الخامل.
- وهذا الاتجاه مع غرابته في الواقع الذي يحياه الناس من ناحية ومع استحالة تطبيقه عمليًا في مختلف الأحوال التي يستخدم فيها خطاب الضمان يعتبر بحسب نظرنا خروجًا على قاعدة التراضي في العقود التي يقوم عليها الأساس الشرعي لاحترام سلطان أفراده في الفقه الإسلامي.
- فإذا كانت علة النهي عن بيعتين في بيعة مبنية على مظنة القبول بإحدى البيعتين على غير رضا، فهل يجوز لقائل أن يتصيد حاجة المقاول لخطاب الضمان المصرفي بمبلغ 1 % من قيمة المقاوله لكي يفرض عليه المشاركة في هذه المقاولة كلها وما يتبع ذلك من كشف للأسرار والأرقام والحسابات.
- فإذا كان المقصود لدى بعض العلماء الذين رأوا ذلك هو تجنب أخذ الأجرعلى خطاب الضمان المصرفي فإنهم ومن حيث لا يدرون قد فتحوا بابًا أشد ضررًا للاستغلال الذي قد يتعرض له المقاول من جانب البنك الذي يفرض عليه مشاركته في المقاولة التي يتقدم لها بخبرته وعمله وماله. فأين المشاركة التي يقدمها البنك إذا لم تكن هناك حاجة إلى الجهد ولا إلى المال؟
الا تعتبر المشاركة المفروضة من أجل التقدم بطلب خطاب الضمان المصرفي اعتداء على حرية أفراده التي ضمن سلامتها الإسلام.