- وتبقى نقطة أخيرة جديرة بالإشارة لبيان التناقض الذي وقع فيه بعض القائلين من إخواننا العلماء بأن خطاب الضمان المصرفي هو كفالة لا يجوز فيها الأجر إلا إذا قدم طالب الخطاب غطاء نقديًا كاملًا حيث يصبح العمل كأنما هو توكيل بدفع المال، وبما أن الوكالة تقبل الأجر فيكون للبنك أن يتقاضى أجرًا على خطاب الضمان المصرفي المدفوعة قيمته بالكامل، أما خطاب الضمان غير المغطى فلا يجوز فيه دفع الأجر.

- وهكذا نكون أمام تناقض واضح وذلك أن من يدفع ما عليه من التزام سلفًا وبكامل القيمة المحتملة التحقق يكون عليه أن يدفع فوق ذلك عمولة وأجرًا، أما من لا يدفع شيئًا فإن البنك يتبرع له بالضمان مجانًا.

- ومع علمنا بإستحالة هذا المطلب من الناحية العملية لأن من يملك المال لا يكون أصلًا بحاجة إلى خطاب الضمان، إلا أن هذا القول واضح في تناقضه – مع كامل الاحترام للعلماء الذين قالوا به -، ذلك أن التوكيل بأداء مبلغ معين من النقود يصح أن يكون بناء على دفع مسبق كأن أقول لك: خذ هذه الألف دينار وادفعها إلى فلان، أو أن يكون الأمر مبنيًا على وعد بالدفع اللاحق كأن أقول لك: ادفع لفلان مئة دينار وسأدفعها لك فور قيامك بهذا، فاي فرق بين العملين من ناحية التوكيل بالأداء؟

هل يمكن أن يقول لنا أحد أن القبض المسبق شرط في التوكيل في الأداء وأن الوكالة كالتبرع الذي يشترط فيه القبض لإتمامه …؟

إننا لا نظن أحدًا يطبق على الوكالة هذا الشرط بلا سند أو دليل.

ثانيًا: إذا سلمنا جدلًا بأن خطاب الضمان المصرفي كفالة حقًا وأنها من أعمال التبرعات كما قال الفقهاء القدبمون فهل يمتنع انقلاب العمل من التبرع إلى المعاوضة.

- إن الملاحظ في الفقه أن أعمال التبرعات محكومة بالعرف وليس بالنص، ودليلنا على ذلك انقلاب العديد من أعمال التبرعات إلى أعمال تؤدي بالأجر في عهود الفقهاء الذين لم يروا ما يحول دون هذا التحول الذي تتطلبه الظروف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015