خلاصة القول
يستخلص مما سلف بيانه ما يلي: -
1- أن الإصرار على القول بأن خطاب الضمان المصرفي هو كفالة بمفهومها الفقهي القديم ينطوي على تحميل لهذا العقد بما لا يحتمل للأسباب التالية: -
(أ) أن الكفالة عقد تابع والتزام ملحق بالأصل، وأما خطاب الضمان المصرفي فإنه عقد مستقل والتزام البنك فيه منفصل عن التزام طالب الخطاب، لذلك فإن خطاب الضمان يكون أقرب للوكالة بأداء مبلغ معين من النقود عند تحقق شرط المطالبة به.
(ب) أن الكفالة عقد قائم على التبرع إبتداء والمعاوضة انتهاء إذا كانت بناء على طلب المكفول. وهذا بخلاف الحال في خطاب الضمان حيث أن نية التبرع ليست قائمة لا في الحال ولا في المآل.
(جـ) أن الكفالة تعطي الكفيل حق الخيار في أن يقوم بعمل المكفول أو يدفع المبلغ المطلوب وهذا بخلاف الحال في خطاب الضمان المصرفي حيث لا يملك البنك مثل هذا الخيار. وكل ما عليه هو أن ينفذ التوكيل بالدفع نظرًا لتعلق حق الغير به.
2- أن آراء بعض العلماء المطروحة لإيجاد حل لمشكلة الإصرار على وصف خطاب الضمان المصرفي بأنه كفالة يوجد في واقع الأمر مشكلتين بدلًا من المشكلة الواحدة..
(أ) فإذا قال البنك لعميلة أن يدفع كامل قيمة الخطاب (100 %) ليأخذ منه أجرًا فوق ذلك فإن البنك لا يجد عميلًا واحدًا يرضى بهذا التناقض حيث سيناقش البنك بأن يصدر له خطاب الضمان دون غطاء ودون أجر.
(ب) وإذا اراد البنك أن يجبر عملية على مشاركته في أعمال دون رغبة أو حاجة من ذلك العميل فإنه قد يدفعه بذلك إلى اللجوء إلى البنوك غير الإسلامية وما يتبع ذلك من استسهال للربا. فيكون الحال هنا كمن تبقى شبة بحسب ما يظن ليوقع الناس في الحرام الصريح.
ذلك أن أقوال الفقهاء هي آراء واجتهادات، وإن الاجتهاد يعارض بمثله، أما ما حرمه الله في كتابة وسنة نبيه فلا مجال للإجتهاد فيه بل هو خضوع وتسليم، فكيف يجوز للبعض أن يتمسك بشبهة الاجتهاد الفقهي حتى لو أدى الأمر إلى دفع الناس إلى تجاوز حدود ما أنزل الله.
إن المسألة تتطلب النظر المؤمن المتبصر بالعواقب والنتائج وإن الله يهدي من يشاء.