وكان نتيجة لهذا تأخر مبالغ ضخمة وتعطلها عن الاستثمار، من هنا وجدنا بعض البنوك الإسلامية لجأت إلى أخذ المزيد من الضمانات لأنها لا تستطيع أن تزيد في الثمن، وبعض البنوك الأخرى استعملت فتوى صدرت واعتمدت ثلاثة أحاديث أساسًا: "مطل الغني ظلم"، " لَيُّ الواجد يُحِل عرضه وعقوبته"، " لا ضرر ولا ضرار"، فقالوا: "مطل الغي ظلم" هذا أمر واضح، فما دام قد ثبت أنه مدين مليء مماطل فهو ظالم ولا بد أن يمنع هذا الظلم. وَلَيُّ الواجد يحل عرضه بأن يُشهَّر به وبظلمه، وعقوبته بأن يحبس مثلًا، والعقوبة ما دامت تعزيرية يمكن أن تتغير من عصر إلى عصر و" لا ضرر ولا ضرار " قالوا: مادام ثبت أنه وقع على البنك الإسلامي ضرر فلا بد أن يزال هذا الضرر. وانتهى هؤلاء إلى أن المدين المماطل لا بد أن يثبت، أولًا، أنه مماطل وأنه مليء، فإذا ثبت ذلك فلا بد أن يزال الضرر عن البنك. كيف يزال الضرر؟ قالوا: بالعقوبة التعزيرية. وكيف تكون العقوبة التعزيرية؟ ومن الذى يملك هذه العقوبة التعزيرية؟ هل البنك الإسلامي يملك هذه العقوبة؟ وإذا ملك العقوبة التعزيرية وقلنا بجواز العقوبة التعزيرية بالمال، فمن باب أولى أن يملك أي عقوبة تعزيرية أخرى، بالضرب مثلًا؟ . ثم من الذي يقدر العقوبة التعزيرية؟ من الذي يوقعها؟ بعضهم قال: نحسب للبنك الإسلامي في هذه الفترة مكسبه، وهذا المال حجز، فلو أنه دخل في الاستثمار لكان الربح مثل هذا، ولذلك نقدر مثل هذا المبلغ. ووجدنا بعض البنوك الإسلامية تلجأ إلى هذا، تلجأ إلى التأكد من أن هذا المدين موسر، أولا، ثم بعد التأكد من ذلك والإرسال إليه، تبدأ في حساب الأرباح التي كانت ستحقق في هذه الفترة، فترة المماطلة، وتضيفها إلى ثمن. وبعض البنوك الأخرى تنظر: إذا كان البيع بيع مرابحة فإنها تضيف تبعًا للربح المتفق عليه، وإذا كنا قد لا نجيز هذا فهناك ما هو أشد، إذ أن بعض البنوك للأسف الشديد، نتيجة أن الأعداد كبيرة ولا تستطيع أن تتابع، تلقائيًّا من تأخر يضاف عليه الأرباح التي تحققت، فتضاف على المبالغ، والآخرون الذين ماطلوا، بما أن البنوك الإسلامية ربحها أقل من الفوائد الربوية في كثير من الحالات، كأنهم قنعوا بهذا ورضوا. وبناءً على ذلك فإن العقوبة التعزيرية لم يتحقق الهدف منها، إذ حتى لو فرضنا أنه أجيز العقوبة التعزيرية فلها هدف، والهدف هنا لم يتحقق. لذلك أرجو أن تناقش هذه النقطة باستفاضة، وأن ننظر إلى الحل ما دمنا نقول إن هذا غير جائز، - وأظنه غير جائز - فلا بد أن نبحث عن حلول أخرى حتى نقدم ذلك إلى البنوك الإسلامية.