ويتفق مذهب الشافعية مع القول الثالث المفصل للمالكية عن الأجر على الضمان، قال ابن حجر الهيثمى (وكقول من حبس ظلما لمن يقدر على خلاصة وأن تعين عليه، على المعتمد: أن خلصتني فلك كذا، بشرط أن يكون في ذلك كلفة تقابل بأجرة عرفا. وعلق الشرواني على قوله: لمن يقدر عليه بقوله: أي بجاهه أو غيره، وقال تعقيبًا على لزوم أن يكون في ذلك كلفة وتعب: والمراد بالتعب، التعب بالنسبة لحال الفاعل.
ونجد ابن عابدين الحنفي في حاشيته يقرر على ما تنسب إليه فتاوى بنك فيصل الإسلامي السوداني، لم أقف على هذا النص أنا إنما أعزوه إلى هذا المصدر فتاوى بنك فيصل الإسلامي السوداني: أن عدم جواز الأجر على الضمان لأن الضامن مقرض للمضمون، فإذا شرط له الجعل مع ضمان المثل، فقد شرط له زيادة على ما أقرضه، وهو ربا.
وهنا نجد انفسنا أمام تعليل آخر وهو أن الضامن مقرض وشرط الجعل له الأجر على الضمان، زيادة على ما أقرض، وفيما عدا هذه التعليلات المختلفة لعدم جواز الأجر على الضمان فيما وقفنا عليه من أقوال الفقهاء لم نجد لهم دليلًا يعتمدون عليه من كتاب أو سنة، وإن كانوا يتفقون في ذلك اتفاقًا يشبه الإجماع.
ونعود إلى مناقشة هذه التعليلات للحكم الذي قرره الفقهاء لمنع الأجر على الضمان، ونبدأ بمسألة أن ثمن الجاه إنما هو من باب أخذ الأجرة على الواجب ونسأل: هل الجاه أو الكفالة أمر واجب على من يفعله ام أنه من أعمال التبرع؟ بداهة إنه ليس واجبًا إلا إذا تعين على شخص بعينه، وليس من هذا النوع الضمان المصرفي، إذ لا يتوقف على شخص معين أو حتى مصرف معين دون غيره. فقضية كون الضمان المصرفي من باب الواجب الذي لا يؤخذ عليه أجر غير واردة هنا.