ثم أن قاعدة عدم أخذ الأجرة على الواجب لا نراها مطردة عند هؤلاء الفقهاء، فقد رأيناهم يجيزون أخذ الأجرة على قبول حفظ الوديعة وحفظها وإن تعينت على شخص ما، وهو من باب الواجب. جاء في مغني المحتاج للشربيني: وقضيته أن له أن يأخذ أجرة الحفظ أجرة الحرز. ومنعه الفاروقي وابن أبي عصرون، لأنه صار واجبًا عليه فأشبه سائر الواجبات، هذه هو النص والمعتمد الأول، كما هو ظاهر كلام الأصحاب. هذا هو نص الشربيني.

أفلا يصح أن يقاس الضمان على فرض أنه واجب على الوديعة الواجبة ويأخذ حكمها في جواز الأجرة عليه؟

فإذا انتقلنا إلى تعليل منع الأجرة على الضمان المنسوب لابن عابدين (من كون الضامن مقرضًا، فإذا شرط له الجعل مع ضمان المثل فقد شرط له زيادة على ما أقرض، وهذا ربا) . وجدنا أن هذا التعليل مقبول على وجه الاجمال ولكن عند التفصيل نجده لا ينطبق على خطاب الضمان الذي ينتهي بوفاء المضمون بتعهده دون حاجة إلى الضامن.

وتبقى بعد ذلك حالة واحدة يمكن أن ينطبق عليها تعليل ابن عابدين وهي حالة ماذا كان خطاب الضمان على المكشوف –غير مغطى- وتخلف المضمون عن الوفاء إلى أن قام به مصدر خطاب الضمان. ففي هذه الحالة فقط يصبح خطاب الضمان منطويًا على قرض والجعل فيه زيادة يجب منعها كما قال ابن عابدين.

وبناء على ما تقدم فيبدو لي أن خطاب الضمان يكون على الأوجه التالية:

1- خطاب الضمان المغطى وهو كفالة تجاه المضمون له، ووكالة تجاه المضمون والعبرة بالعلاقة مع المضمون في تكييف حكمه فهو إذن وكالة، والوكالة تجوز بأجر وبدون أجر، وعليه فأخذ الأجرة عليه في هذه الحالة جائز.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015