خطاب الضمان حينما يكون بمعنى الكفالة فللفقهاء رأي محدد مدون في كتب الفقه واضح، ذلك أنهم يقررون أن الضمان تبرع وان التبرع لا يؤخذ عليه أجر، لماذا؟ لأنه من باب الواجب، الكفالة من باب الواجب، يعللون ذلك في بعض الأحيان، وأوردوا في ذلك هذه النصوص التي توضح هذا الاتجاه، منها قول الدسوقي في حاشية على الشرح الكبير للدردير قوله (وفي المعيار سئل أبو عبد الله القوري عن ثمة الجاه فأجاب بما نصه: اختلف علماؤنا في حكم الجاه، ذلك لأنهم يعتبرون الضمان نوعًا من الجاه، هذه جملة معترضة، أعود إلى قراءة النص من أوله – (وفي المعيار سئل عبد الله القوري عن ثمة الجاه فأجاب بما نصه: (اختلف علماؤنا في حكم الجاه، فمن قائل بالتحريم بإطلاق، ومن قائل بالكراهة بإطلاق، ومن قائل بالكراهة بإطلاق، ومن مفصل فيه. وأنه أن كان الجاه يحتاج إلى نفقة وتعب وسفر، فأخذ أجر مثله، فذلك جائز، وإلا حرم) قال أبو على المنياوي وهذا التفصيل هو الحق.

ومنها قال ابن عرفة: يجوز دفع الضيعة لذى الجاه، وللضرورة إن كان يحمي بسلاحه، فإن كان يحمي بجاهه فلا، لأنها ثمن الجاه، وبيان ذلك أن ثمن الجاه، إنما حرم لأنه من باب الأخذ على الواجب، ولا يجب على الإنسان أن يذهب مع كل أحد. التعليل هنا لأنه من باب الواجب، منع أخذ الأجر على الجاه لأن الجاه من باب الواجب.

ومن هذين النصين يتبين أن للمالكية –هؤلاء علماء المالكية الذين أنقل عنهم عدة أقوال عن ثمن الجاه، أحدهما بالتحريم مطلقًا، والثاني بالكراهة مطلقًا، والثالث فيه تفصيل: فإن احتاج الجاه إلى تعب ونفقة وسفر فيجوز أخذ الأجر أو أجر المثل عليه، وإن خلا من ذلك فلا يجوز. وعلى المالكية لعدم جواز الأجر على الجاه المجرد، بأن ذلك من باب أخذ الأجرة على الواجب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015