فإذن الدليل على تحريم العوض على الكفالة مستمد من قواعد الشريعة واستقراء تطبيقاتها ونصوصها، فهو من تحقيق المناط ومن الأولويات التي تعتبر في مستوى النص والتصريح.

بعض الكتاب أراد أن يجعل من تبدل حال الكفالة وتغير ظروفها بين الماضي وبين الحاضر من أنها كانت في الماضي عملًا نادرًا وعملًا محدودًا، ولذلك لم يهتم الفقهاء بالتنصيص أو بالتصريح على جواز أخذ الجعل والأجر عليها، وأما في الوقت الحاضر فقد اصبحت عملًا مهما يتخصص له ناس وتعطيه وتولية البنوك حظًا من نشاطها، فإذن يتغير الحكم بهذا التطور، والحقيقة أن هذا لا يغير من واقع الأمر شيئًا، فالحكم الشرعي إذا لم يكن مرتبطًا بالعرف فإنه يبقى ثابتًا ولا يتغير بتغير هذا العرف. أما إذا كان الحكم الشرعي دائرًا على العرف ومرتبطًا به فحينئذ يدور معه.

والعرف في الشرع له اعتبار لذا عليه الحكم قد يدار إذا كان الحكم في اصله مرتبطًا بهذا العرف.

بعض الكتاب أيضا أراد أن يقيس أخذ الأجر على الكفالة بما أفتى به العلماء والفقهاء من جواز أخذ الأجر على فعل الواجبات والطاعات إذا قل التبرع والتطوع بها كمهمة الإمامة والقضاء وغير ذلك من المهام التي يعود نفعها على المسلمين والتي هي في الأصل فرض على الكفالة عليهم، فلما ضعفت همم الناس في الإلتزام بهذه الواجبات أفتى العلماء بجواز أخذ الأجر عليها فيقاس عليها أمر الكفالة لأن همم الناس قد تقاصرت على المبادرة إلى فعل الكفالة بدون مقابل. والحقيقة أن هذا قياس مع الفارق لأن الكفالة ليست من الواجبات ولا من فرائض الكفاية. وإنما هي من المباحات شأنها شأن معظم المعاملات المالية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015