وأخذ الأجر على تلك الواجبات والفروض الكفائية ليس في الحقيقة من باب الإجارة وإنما هو من باب الرزق والعطاء الذي يخصصه أولو الأمر من بيت المال لسداد هذه الثغرات وهذه المهمات التي يعود نفعها على المسلمين، فهي مشبهة بلإجارة لأنها توجد عند وجود العمل وتنقطع عند انقطاع الإنسان عن هذا العمل.
كذلك بعض الكتاب اراد أن يستخلص من عمل الكفالة أن فيه جهدًا في دعم المركز المالي للمكفول، فهو من قبيل الوجاهة ومن قبيل الشفاعة التي يتكلف فيها الإنسان جهدًا ومشقة. وقد جاءت بعض النقول الفقهية بأن الإنسان إذا قام بمهمة رفع ظلامة عن مظلوم وتجشم في سبيل ذلك بعمل ونقلة وسفر وارتحال له أن يأخذ عن هذا العمل ما يلاقيه من مقابل. والحقيقة أن هناك مفارقة كبيرة بين الوجاهة وبين هذا العمل وبين الكفالة لأن الكفالة عبارة عن ضم ذمة، أما ذلك الجهد الذي يبذله الإنسان فهو عمل وهو يستحق الأجر إذا كان فعلًا تكلف في ذلك مالًا ونفقة وعملًا.
بالإضافة إلى هذا كله فإن بقاء الكفالة على طبيعتها وحقيقتها من أنها عقد تبرع، يعتبر معلمًا من معالم الحياة الإجتماعية الإسلامية من أن هناك تكافلًا بين المسلمين وتعاضدا بينهم، فالذي يستطيع أن ينفع أخاه ينفعه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ((من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه)) فلتبق هذه المعاملة على طبيعتها ولتكن شبيهة بطبيعة القرض من أنه مواساة، والكفالة أيضا استعداد للإقراض فهي من ذلك الباب.ولذلك هناك تشابه كبير بين ثلاث معاملات: