لننظر الآن في خطاب الضمان الذي هو في حقيقته كفالة، هل يمكن أن يتقاضى عليه جعل أو أجر؟ إذا كان هذا الأجر منصبًا على أداء هذه الخدمة كإصدار هذا الخطاب والعمل الكتابي الذي يتكلفه مصدر خطاب الضمان بعيدًا عن المدة التي يسري لها هذا الخطاب وعن المبلغ الذي يتعلق به الدين فإن هذا لا يعدو أن يكون خدمة مصرفية، فهو إجارة على عمل فعلًاولا إشكال في تجويزه، والبنوك الإسلامية كلها تزاول هذا العمل، ولا ترى فيه بأسًا لأنه خدمة لقاء أجر، فهو من باب الإجارة ومن باب الوكالة بأجر.

أما ترتيب الأجر على خطاب الضمان منسوبًا إلى مدته وإلى مبلغه فهو عبارة عن عوض على الكفالة، وقد عرف من نصوص الفقهاء وتطبيقاتهم وتصريحاتهم أن الكفالة لا تقبل العوض وإنها في حقيقتها من عقود التبرعات وهي من باب المروءات فلا يجوز أخذ العوض عنها. ولم يصرح هؤلاء الفقهاء بنص في الموضوع وإنما صرحوا بما هو في معنى النص، أو بما هو من الأولويات. فقد أشار ابن عابدين ومن قبله ابن قدامة في المغني، إلى أن تحريم العوض على كفالة لأن الكفالة في مآلها تتحول إلى قرض إذا طولب الكفيل بالأداء فأدى ورجع على مكفولة فإنه يطالبه بهذا القرض. وإذا كانت الشريعة قد منعت أخذ الجعل أو العوض على القرض الفعلي نفسه، فمن باب أولى أن تمنع أخذ العوض على الاستعداد للإقراض، لأن هذا أشد ظلما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015