والدليل على عدم صحة هذه السنة عند أبي حنيفة رحمه الله ما رواه البيهقي في السنن الكبرى (?) حيث قال: (قال: وكيع صليت في مسجد الكوفة فإذا أبو حنيفة قائم يصلي وابن المبارك إلى جنبه يصلي فإذا عبد الله يرفع يديه كلما ركع وكلما رفع وأبوحنيفة لا يرفع فلما فرغوا من الصلاة.
قال أبو حنيفة لعبد الله: يا أبا عبد الرحمن رأيتك تكثر رفع اليدين أردت أن تطير.
قال له عبد الله: يا أبا حنيفة قد رأيتك ترفع يديك حين افتتحت الصلاة فأردت أن تطير.
فسكت أبو حنيفه.
قال وكيع: فما رأيت جواباً أحضر من جواب عبد الله لأبي حنيفة) .
قلت: من المعلوم من الدين بالضرورة أن الاستهزاء بشيء من السنة الصحيحة الثابتة هو استهزاء بالنبي صلى الله عليه وسلم وبشرعه، والاستهزاء بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بشرعه كفر مخرج من الملة.
فإن قيل بثبوت هذه السنة عند أبي حنيفة ومن ثَمَّ صدر عنه ما صدر فهذا كفر بالله ينزه عنه أبو حنيفة رحمه الله فلزم حينئذٍ القول بأن هذه السنة لم تثبت عنده، بدليل أنه كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام، بما ظن صحته عن ابن مسعود رضي الله عنه من عدم الرفع في غير تكبيرة الإحرام، ولم يقل لابن المبارك ما قال له في الرفع عند الركوع والرفع منه لكونها سنة في نظره.
فالمسألة إذن ليست كما صورها السرخسي ومن قال بقوله من أنها من باب خبر الواحد إذا روى خبراً فيما يعم به البلوى لا يقبل، بل هي من قبيل عمل كل إمام بما بلغه من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
المطلب الرابع: في رد خبر الواحد لكونه حديثاً قد أعرض عنه الأئمة من الصدر الأول وهو ما لم تجر المحاجة بخبر الواحد بين الصحابة مع ظهور الاختلاف بينهم في الحكم
وفيه مسألتان:-