- وأيضاً - مخالف الجصاص ومن معه لا يُعْجِزُهُ أن يقول فيما ادعاه الجصاص ومن معه من تواتر بعض الأحاديث أو اشتهارها بأنها لم تثبت لأنها لو كانت ثابتة لنقلت نقلاً متواتراً، فما كان جوابهم عنها فهو بعينه جواب مخالفيهم.
فائدة أخرى:
قال أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي رحمه الله (?) : (لا نعلم مصراً من الأمصار ينسب إلى أهله العلم قديماً تركوا بإجماعهم رفع اليدين عند الخفض والرفع في الصلاة إلا أهل الكوفة.
والسبب في ذلك تعلقهم بما روي عن ابن مسعود عن النبي (: أنه كان لا يرفع يديه في الصلاة إلا مرة في أول شيء) انتهى.
قال ابن عبد البر (?) : (هو حديث انفرد به عاصم بن كليب واختلف عليه في ألفاظه وقد ضعف الحديث أحمد بن حنبل وعلله ورمى به) .
وقد احتج بعض متأخري الكوفة بحديث مسلم عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله (: (مالي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس اسكنوا في الصلاة) (?) .
قال ابن عبد البر (?) : (وهذا لا حجة فيه لأن الذي نهاهم عنه رسول الله (غير الذي كان يفعله لأنه محال أن ينهاهم عما سن لهم وإنما رأى أقواماً يعبثون بأيديهم ويرفعونها في غير مواضع الرفع فنهاهم عن ذلك.
وكان في العرب القادمين والأعراب من لا يعرف حدود دينه في الصلاة وغيرها وبعث (معلماً فلما رآهم يعبثون بأيديهم في الصلاة نهاهم وأمرهم بالسكون فيها وليس هذا من هذا الباب في شيء والله أعلم) انتهى.
قلت: لم يعمل أبو حنيفة وسفيان الثوري والحسن بن حي وفقهاء الكوفة بأحاديث رفع اليدين في الركوع والرفع منه؛ لأنها لم تصح عندهم، مع تمسكهم بما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه من عدم رفعه ليديه في تلك المواطن.