وقوله: (سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون ((الأنعام 149) .

وقوله: (إن الظن لا يغني من الحق شيئا ((يونس 36) .

وقوله: (إن نظن إلا ظناً وما نحن بمستيقنين ((الجاثية 31) .

وقوله: (إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ((النجم 23) .

فالظن المذكور في الآيات السابقات معناه: الشك أو الوهم أو الخرص أو التخمين.

وهذا هو الظن المذموم الذي لا يجوز لأحد العمل به في العقائد أو العبادات.

وأما الظن الذي عمل به السلف فهو المذكور في قوله تعالى: (إني ظننت أني ملاق حسابيه ((الحاقة 20) وقوله: (وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ((التوبة 119) وقوله تعالى: (فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله ((البقرة 230) .

وقوله: (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ((الحجرات 12) .

وقوله: (وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك ((يوقف 42) .

فالظن في هذه الآيات ونحوها المراد منه: العلم واليقين، أو الظن الراجح والغالب.

وهذا الظن يجب العمل به في العقائد والعبادات على حد سواء إذ هو علم والعلم يجب العمل به.

ولهذا نظير في الأمور الحسية فنظيره الميزان الذي توزن به الأشيئاء، فإن الميزان الصحيح ما استوت كفتاه وهذه الحالة بمثابة الشك، فإذا وُضِع في إحدى كفتيه أي شيء ما -مهما بلغ في الخفة - فإن الكفة التي فيها ذلك الشيء ستبدأ تدريجياً بالانخفاض والميلان إلى أسفل، وهذه الحالة أشبه بالظن الغالب أو الراجح أي رجحان شيء على شيء آخر، وكلما زِيْدَ في هذه الكفة من الأوزان فإنها ستزداد في الميلان والانخفاض إلى درجةٍ لا يمكن بعدها نزول هذه الكفة أكثر مما نزلت إليه، وهذه المرحلة أشبه بمرحلة اليقين والقطع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015