وهذا هو الذي تعلنه شيئية الإنسان في العصر الحديث، وغرابة العلم، التي سلبت الشعر أعز ما يملك، لقد كانت غرابته أحد عناصر جمالياته، فماذا يقول الشعر في عصر الأعاجيب والغرائب، وكشوفات الفضاء والجينوم البشري والشبكة العنكبوتية، وكيمياء الفيمتو، والنينو توكنولوجيا. جماليات الإنسان الجمال أو الحسن يكون في الشكل والهيئة بتناسب الأعضاء كما يقول أبو البقاء الكفوي (?) .
ويذهب صاحب الكليات إلى أن الجمال ((أكثر ما يقال في تعارف العامة في المستحسن بالبصر، وأكثر ما جاء في القرآن من الحسن فهو للمستحسن من جهة البصيرة)) (?) .
وجمال الأعضاء المتناسبة عنده ((كمال الحسن في الشعر، والصباحة في الوجه، والوضاءة في البشرة، والجمال في الأنف، والملاحة في الفم، والحلاوة في العينين، والظرف في اللسان، والرشاقة في القدّ، واللباقة في الشمائل)) (?) .
فهناك جمالان “ جمال بصر” و “ جمال بصيرة ” كما يعبر الكفوي ((جمال خارجي)) يرى بالعين، و ((جمال داخلي)) يرى بالبصيرة النافذة، ولاشك أن الجمال الداخلي أعظم من الجمال الخارجي يقول أبو حامد الغزالي: ((وهيهات فالبصيرة الباطنة أقوى من البصر الظاهر، والقلب أشدّ إدراكاً من العين، وجمال المعاني المدركة بالعقل أعظم من جمال الصور الظاهرة للأبصار)) (?) .
وإدراك الجميل واستحسانه مبني على التناغم بين النفس والعالم الخارجي أو الداخلي للأشياء والكائنات الذي يولّد اتحاداً بين الذات المدركة والموضوع الجميل.