يقول التوحيدي: ((إن من شأن النفس إذا رأت صورة حسنة متناسبة الأعضاء في الهيئات والمقادير، والألوان، وسائر الأحوال مقبولة عندها موافقة لما أعطتها الطبيعة، اشتاقت إلى الاتحاد بها، فنزعتها من المادة، واستبثتها في ذاتها وصارت إياها كما تفعل في المعقولات)) (?) .

وأبو حيان يربط بين الخَلْق والخُلُق ((الخُلُق الحسن مشتق من الخلْق، فكما لا سبيل إلى تبديل الخلْق كذلك لا قدرة على تحويل الخُلُق، لكنه الحضُّ على إصلاح الخُلٌق وتهذيب النفس لم يقع من الحكماء بالعبث والتجزيف، بل لمنفعة عظيمة موجودة ظاهرة، ومثاله أن الحبشي يتدلك بالماء والغَسُول لا ليستفيد بياضاً، ولكن ليستفيد نقاءً شبيهاً بالبياض)) (?) .

فالجماليّة تكون في الطبيعة، وفي الفن، والحُسْن يتحقق في الإنسان وفي المكان، وهذا بخلاف ما ذهب إليه فلاسفة الجمال في العصر الحديث حين قصروا الجمالية على الفن (فكانت) مثلاً يقول: ((تكون الطبيعة جميلة عندما يكون لها مظهر الفن، ولا يسمى الفن جميلاً إلا إذا كنا نعيه كفن، وكان مع ذلك يتردّى بمظهر الطبيعة)) (?) .

ويقول هيجل: ((لا يبدو الجمال في الطبيعة إلا انعكاساً للجمال في الذهن)) (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015