وحِكَم الشعر التي ساقها عبد الله عريف للمتنبي وشوقي وزهير تأكيداً لصحة موقفه الجمالي، وكشفاً لخلل موقف حمزة شحاتة من الجمال، لا يجد حمزة في صياغتها جمالاً يُغري بإدمان النظر، ولا في معانيها إلا الصحة في الحكم ويتساءل عن “ معنى الجمال ” في تلك الأبيات هل هو دقة الحقيقة الفلسفية وصدقها أو جمال الصياغة، أو قوة التأليف، أو شيء يدرك ولا يوصف (?) .

إن حقائق المتنبي وحكمه ثابتة فروعتها تكمن في ثباتها، وصحتها ومسايرتها لواقع الحياة.

والمتنبي هو الذي يقول:

لو فكرّ العاشق في منتهى حسن الذي يسبيه لم يسبه

فالعاشق يتصور منتهى جمال معشوقه، ويدرك نهايته، لكن ذلك الإدراك لا يصرفه عن عشقه، بل ربما كان سبباً في شدة ولعه، وانقياده فالحكمة الصادقة لا تنال من سلطة الجمال، ولا تنتصر على منطق العشق، وإن كانت تلك السلطة سريعة التحول، قصيرة الأجل (?) .

وأما كلمات الحب والعدالة والحريّة، وسحر هذه الكلمات للعقول وتجافيها للإصفاء والإفلاس بحسب رأي عبد الله عريف. فإن حمزة لا يعدها جزءاً من الجمال الذي قال فيه كلمته تلك (?) . فهو يتحدث عن الصورة الجميلة تتأملها النفس فتتخطى عالمها ((فإن لم يكن ما قلته حقاً نرى موضعه المكين الواضح في النفس والحياة، فليكن الزمن لحظة جامدة تقف فيها دورة الفلك المغذ عن السير، ولتكن الصورة الجميلة بعد رسماً جامداً لا يعدو حدود إطاره القاهرة، حتى يأمن من مزاج صديقي الناقد، الفجيعة في حقيقة شعوره بالجمال والنفس)) (?) .

ومثل هذا يمكن قوله عن عمال الصف، والطبع والتجليد. فالإتقان ودقة الصف والتناسب غير الجمال الذي ينفخ فيه الفنان خياله، ويضفي عليه شيئاً من روحه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015